2016/03/15

مارسيل منصور: فنانة الضوء العالمية نحو التغيير وصنع السلام

 منصور: فنانة الضوء العالمية 

نحوالتغيير وصنع السلام  

تتسلم جائزة الفنون والإبداع

في يوم المرأة العالمي

بقلم كوليت بول سركيس

فنانة الضوء في الحس والإدراك ، الفنانة العالمية ، البارزة أعمالها كضوء الشمس في النهار ، وشعاع القمر في الظلام ، ونجمة النجوم في الليل . الفنانة العالمية والإنسانة المناضلة المبدعة ، ولا يسعني هنا إلا أن أصفها بأسطورة هذا الزمن المعاصر ، وإن كانت تحمل بين ضلوعها أيضا جوهر الزمن الجميل ، لانها تشرب من كؤوس العصرين معا ، وتحب وتحلم وتعمل وتبدع كل ما هو جميل فنا وفكرا وخلقا ، من أجل تغييرالعالم وصنع السلام . إنها  السيدة مارسيل منصور ،"سفيرة السلام العالمي" للأمم المتحدة في استراليا ، الفنانة الأسترالية الفلسطينية المتعددة المواهب ، فهي الفنانة التشكيلية والأديبة والشاعرة والصحفية وصانعة المحبة و السلام .

مارسيل منصور ، مصدر الإلهام الإبداعي في "فن الضوء و التغيير" ، كنت قد تعرفت عليها من خلال موقع التواصل الإجتماعي ، فصرت أتابعها على صفحتها في الفيسبوك وكأنه الملف المهني لأعمالها ونشاطاتها وإنجازاتها ، وكان لي الشغف والفخر بمعرفتها عن قرب ، فعرفتها أكثر بشخصيتها المتواضعة ، وإنسانيتها المتناهية ، حديثها مثل الورود الربيعية التي يفوح عطرها بكل شيء جميل يخرج من فمها . تحترم الصغير والكبير لأنها امرأة عظيمة ومحبة وحنونة ، ودائماً لديها شئ تقوله أو تفعله أو تخلقة بطريقة إبداعية إبجابية أصيلة ، وكأنها شعلة إنارة بين الأصدقاء في مجتمع معاصر يسوده الكثير من السلبيات . حبها للحياة لا تعرف الاستسلام ، وإنما الابتسامة المشرقة دائماً على وجهها حتى ولو كانت في أسوء حال ، تشعر مع الجميع وتحمل الهموم على ظهرها ، حتى أن طيبة قلبها مملوءة بالعنفوان والكرامة وعزة النفس ، لأنها إنسانة مؤمنة بربها وبعائلتها وبقضايا المجتمع والوطن . 

حضرت معرض مارسيل منصور العالمي المعاصر في "الفن الضوئي والإدراك الحسي" بعنوان "ثريشهولد" أي "نقطة التحول"  في "متحف ماري ماكيلوب" نورث سيدني والذي عرض في أماكن مرموقة متعددة خلال عامين : بمناسبة السنة العالمية للضوء 2015 ، هذا المعرض الذي تم عرضه في مدينة " نيو يورك" الأمريكية 2014 ، وعرض لوحة منه في متحف "اللوفر" باريس 2015 . كما وحضرت لها بعد ذلك سلسلة من "أحاديث الفنان/ الفنانة " و"الندوات الفنية " التي أقامتها مارسيل خلال عام 2015 بمناسبة تزامن السنة العالمية للضوء في استراليا ، ومناسبات أخرى مثل الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى ، وإعلان الأمم المتحدة عام 2014 عام التضامن مع الشعب الفلسطيني ، واليوم العالمي للسلام 2015 تحت شعار «الشراكة من أجل السلام و الكرامة للجميع» ، وكذلك الذكرى السنوية السبعين للأمم المتحدة . وكان آحدثها أن  شاركت الفنانة التشكلية والأديبة «سفيرة السلام العالمي» مارسيل منصورفي الندوة التي يقيمها الاتحاد عن موضوع «دورالفن في بناء السلام» بتاريخ 28 أكتوبر 2015، في برلمان ولاية نيو ساوث ويلز، والذي لاقى نجاحا منقطع النظير ونال إعجاب الجميع من الحضور المتنوع الخلفيات الثقافية . وكم شعرت بالفرحة تغمرني حين وجدت نفسي قد اكتسبت معرفة وازددت نورا حين استمعت إلى هذا الإبداع المتنوع من حيث الفن التشكيلي والشعر والنثر والتاريخ ، وأكثر مايهم في حديث مارسيل هو إبراز القضية الفلسطينية – قضية العرب والعالم معا – بطريقة عقلانية منطقية إبداعية ، ثم  الغرض الاساسي من فنها الإبداعي المتنوع ألا وهو العمل على "التغيير الفكري" نحو إنهاء الحرب وصنع السلام ، و"التحول الجذري" على الصعيد الفردي والمجتمعي والدولي ، وإلهام القادة المسئولين وأصحاب القرار إلى التنوير والتغيير الإصلاحي نحو الأفضل ، خصوصا بما يخص إعادة النظر في المناهج التربوية والتعليمية والأخلاقية ، وتوجيه الشبيبة والأجيال الصاعدة نحو طريق النور .

أصبحت أتابع المقالات الفكرية والأدبية التي تكتبها وتنشرها مارسيل في الصحف العربية ، ثم رحت أتابعها على الموقع الإلكتروني الخاص بها ، فبهرتني أعمالها الإبداعية المتنوعة ، مما زاد إعجابي بأعمالها النيرة والرفيعة المستوى ، و المقالات المفعمة بالتنوع باللغتين الإنجليزية والعربية ، وكذلك الفن التشكيلي من الرسم بالأضواء إلى المناظر الطبيعية و الشخصيات البارزة ، فهي تعتز بوطنها الجديد وبكل من يعمل على بنائه .  رحت أتصفح وأقرأ الموقع الالكتروني ، فوجدت أنها أول من كتب عن نضال المرأة العربية في استراليا في البحث التي فازت به بجائزة "النهار" الأدبية في العيد المئوي 1988، كما وأنها أول من كتبت عن الشخصيات البارزة ورسمت لوحات فنية عنهم  وعرضتها قي برلمان الولاية مع كتابها " شفتنج وايفز" أي "الأمواج المتحركة " في عام 1998 من أجل رفع شأن الجالية ، فكانت بذلك أول شرارة إشعاع ليستوحي منه الآخرين في المهجر ليحذوا حذوها  ، كما وكانت أول أمرأة استرالية عربية مهاجرة تقوم بمعرضها الفردي وتطلق كتابها وتلقي حديثا وتقرأ شعرا في برلمان الولاية . وفي متابعتي لمقالات مارسيل يلاحظ القارئ الإيجابية في الفكر، والنقاوة في الروح ، الحصافة والبلاغة في اللغة . من أقوال مارسيل في "دعوة إلى الجالية الأسترالية الفلسطينية للعمل في جسم واحد" : لأنه "من روح العمليشع نور الوطن ، لأن ثقافة وفنون الشعوب تولَد كلمة الحق ، ولأن أرض الوطن أمانة فى أعناق صانعيها ، أخط هذه الكلمات النابعة من صميم واقعنا ..."

وفي سلسلة أعمالها الضوئية المعاصرة ، وأحاديثها ، وندواتها، وأشعارها، نراها عند افتتاح معرضها ، تجسد المعاني السامية  من أجل حرية الوطن الجريح وتنادي إلى التغيير في العالم وميلاد السلام  فتردد مارسيل الشعر بعنوان "تعالوا معا" بصوتها العذب وأدائها الرائع وتقول : 

تعالوا معاً

 تعالوا نتحول ... ونحول

تعالوا نتغير ... ونغير

تعالوا نستلهم من شعاع النور السرمدي

نتأمل في عمق خفايا الأسرار المجيدة

نعيد التفكير في الماضي والحاضر

لنكشف عن رؤية جديدة

بمنظار ناصع حديث معاصر

تعالوا .... معا

نعانق جداول المحبة

نوجد إنسانية حميمة

ونعلن ميلاد الحرية و السلام .

 

وفي حديثها عن "دور الفن في بناء السلام" في برلمان ولاية نيو ساوث ويلزعام 2015 تقول:

"كوني فنانة أسترالية فلسطينية مهاجرة، فإني أؤمن بأن الفن له صوت مسموع ، وقد تشكلت وجهة نظري وتبلورت من تأثيرالحروب والنزوح والنزاع المستمر قرابة سبعين عاما، ومعاهدة أوسلو للسلام لا ترى حلا لأكثر من واحد وعشرين عاما. الله ، العدل ، الحب ، والسلام هي قواسم مشتركة لتقاليد الديانات الإبراهيمية التوحيدية الكبرى الثلاث في العالم ، اليهودية والمسيحية والإسلام . ولذلك يمكن تحقيق السلام من خلال العالم الروحي بدلا من العالم المادي . فالقدس معناها في اللغة العربية مدينة السلام ، وهي المركزالمحوري للعالم الذي يشع بنورالله المقدس السرمدي الأزلي المستتر.» وعندها أشارت مارسيل في حديثها إلى «أهمية وجود القدرة الروحية والإبداعية عند السياسيين ورجال الدين حتى يكون في استطاعتهم قيادة العالم بطريقة أفضل نحوالإنسانية والعدالة والديمقراطية وأضافت مارسيل: «إن مهمة الفنان أن يخلق الحقائق ويجدد ، وأن يقود وينيرالطريق ، لعله يؤثر في  نفوس الناس من أجل صياغة العالم . ولهذا السبب يعتبر الفن محورالسياسة والعلاقات الاجتماعية ، لأن الأعمال الفنية يمكن أن تحول المدارك والمفاهيم المشتركة ، كما ويمكن أن تغير من مظاهر خبراتنا وتشارك في إعادة رسم عالمنا المتقلب والدائم التغيير.» وفي ختام حديثها قالت مارسيل : «من خلال أعمالي الإبداعية أريد أن أثري أستراليا في العمل على خلق ثقافة بناء السلام من خلال الفن الضوئي والإدراك الحسي والفكري الذي يستحوذ على المشاعر والأفكار الإنسانية بغض النظر عن العرق أو الدين ، فيؤثر في النفس ويبعث على إعادة التفكير والنظر العميق من أجل إعادة صياغة الواقع نحو التجديد والتغيير وولادة إنسانية جديدة من خلال التحول ، و تحويل الحرب إلى السلام ، والعنف إلى السكينة ، والإرهاب إلى الأمان ، والمادية إلى الروحانية ". هذا ما كتبته وما زالت تردده دائماً السيدة منصور .

شاركت مارسيل في العديد من المعارض الفردية والجماعية الوطنية مع أهم المشاهير و الفنانين في أماكن مرموقة في أستراليا مثل "إس إتش إرفين جالاري" "والأوبرا هاوس" و"البورهاوس ميوزيم" ، وكذالك حول العالم . من أهم معارضها الفنية "صور من الحكمة" في المتحف الأسترالي 1997، و"الأمواج المتحركة". ومعرض " ثريشهولد" في الفن الضوئي والإدراك الحسي الذي فاز بعرضه في مدينة " نيو يورك" الأمريكية 2014 ، ومتحف "اللوفر" باريس 2015 ، وكذلك "متحف ماري ماكيلوب" نورث سيدني استراليا بمناسبة السنة العالمية للضوء 2015 . امتدت أعمالها على مدى 35 عاما من الفنون التشكيلية التقليدية والمعاصرة والفوتوفرافيا والتصميم ، إلي أعمالها الإبداعية في الإذاعة و شبكة التلفزيون الفضائية ، فهي شاعرة ومذيعة وصحفية وكاتبة باللغتين الإنجليزية والعربية. حصلت على جائزة المنافسة في التصميم الفني للمعرض الجماعي احتفالا "بقوة المرأة" في اليوم العالمي للمرأة عام 1993، واختيرت "المرأة النموذجية " في الثقافة والفنون عام  1996، ورشحت لجائزتين هامتين في عام 2015 . هاجرت إلى أستراليا عام ١٩٧٧، بعد حصولهاعلى بكالوريوس في الأدب الإنكليزي من جامعة "عين الشمس" بمصر . وفي سيدني حصلت على دراسات في حقول متعددة ، وعملت موظفة إدارية في الحكومة الفدرالية لمدة اثنتي عشرعاما فورهجرتها إلى استراليا ، فكانت تعمل بدوام كامل خلال تربية أولادها مع زوجها إلى جانب ممارستها للفن التشكيلي وإقامة المعارض وكتابة المقالات الأسبوعية في عمودها "كلمة عابرة" . لم تكف مارسيل عن التعليم في مراحل عمرها ، بل صقلت نفسها بالتسلح بالعلم والمعرفة والممارسة ، ولم يعقها كونها أم لأربعة ، وزوجة ، وجدة لخمسة أحفاد ، أن تلتحق بالجامعة حيث حصلت على دراسات عليا في "ماجستيرأستوديو الفنون" 2012 ، و"ماجستيرالفنون الرفيعة" المعاصرة 2014 من كلية الفنون جامعة سيدني .

 

لاغرابة إذن ان نرى العدد الهائل الذي حصلت عليه مارسيل من الجوائز والميداليات والشهادات التقديربة لأعمالها المتميزة في الفنون الرفيعة واالإبداعية . وأحدث تكّريم كان لها بتاريخ 10 مارس 2016 ، حيث حضرت في الاسبوع الماضي حفل التكريم الذي أقامه المركز الثقافي الاسترالي العربي منتدى بطرس عنداري لتكريم بعض السيدات والفتيات المستحقات على انجازاتهن المختلفة في يوم المرأة العالمي . عملاً بإرث الراحل عميد الصحافة العربية في المهجر الأسترالي بطرس عنداري . فجاء تكّريم مارسيل مستحقا بأكثر من جدارة ، يحق لها أن تكون فارسة جائزة الفنون الرفيعة والإبداعية ، أسترالية فلسطينية ، فهي عنوان الإبداع و الحب والعطاء والحنان والتّضحية ، كفنانة وأم وزوجة وجدة لأحفاد وسيدة مجتمع ومناضلة ومواطنة نبيلة وإنسانة تعمل من أجل الحرية والخير والسلام . لانها رمز القوة والتحدي ، رمز الحياة و النقاء ، الأنوثة والأخلاق ، التواضع والنجاح ، النضال والوفاء ، انها عنوان المبدعين ، رمز النوروالمحبة والسلام ، انها مارسيل منصور رمز للمرأة الشرقية ، و فخر لكل امرأة عربية مناضلة ومبدعة رسولة وسفيرة السّلام ، نفتخر بها ولها القبعات تنحني احتراماً وتقديراً ... وكل عام والعالم بخير في يوم المرأة العالمي .

مارسيل منصور تتسلم جائزة الفنون والإبداع من الدكتور مصطفى علم الدين

 


مارسيل منصور تتسلم جائزة الفنون والإبداع من الدكتور مصطفى علم الدين