2016/09/17

عودة بهاء الدين الحريري والعلاقة مع الوزير ريفي

-عودة بهاء الدين رفيق الحريري -
لم تكن تلك اللحظة التي خاطب فيها بهاء الحريري الجمهور الغاضب على اغتيال والده، بـ”يا قوم”، ملائمة لإصدار حكم نهائي في قدراته السياسية، كما حصل في أعقاب ها بترجيح شقيقه الأصغر سناً. فشقيقه سعد سقط لاحقاً في زلّات لسان أكثر فداحة، من تلاوته الركيكة للبيان الوزاري في مجلس النواب، إلى حديثه عن فوج ”المجولق“. وبهاء بدا في طلاته التلفزيونية القليلة أكثر هدوءاً وتروياً ومنطقياً أكثر. لكنه أيضاً مُقل في أحاديثه الإعلامية، ويبتعد غالباً عن السياسة، ما يفتح الباب أمام سيل من الإشاعات عن حقيقة مواقفه. لكن بعد فوز وزير العدل المستقيل أشرف ريفي في الانتخابات البلدية في طرابلس
أخيراً، يبدو دور بهاء أكثر وضوحاً من قبل. ريفي تحدث خلال الأيام الماضية بصراحة عن لقاءاته واتصالاته الدائمة مع بهاء، وعن خلاف الأخير مع شقيقه سعد على اختيار مرشحه لرئاسة البلدية. ورغم أن ريفي رفض الإفصاح عن فحوى لقائه مع بهاء بعد الانتخابات البلدية في طرابلس، إلا أن اللقاء نفسه حدث كاف لتأكيد اتساع الهوة بين الشقيقين بشكل غير قابل للإصلاح. وهذه الهوة تكبر أكثر لو نظرنا إلى المسافة بين الثروات الخاصة لأفراد عائلة الحريري، وهي تجاور عشرة مليارات دولار، وبين الواقع المالي لمؤسسات ”المستقبل“ التي تصل تقديرات مستحقاتها أو ديونها إلى مئتي مليون بأعلى تقدير. وهذا البعد أو الانفصال ليس وليد اللحظة أو الأزمة السياسية، بل بدأ قبلها بسنوات عديدة، من خلال سلوك الوريث السياسي في استبعاد الأشقاء من أي دور يُذكر. من غير المنطقي ألا يكون بين أيمن وبهاء وفهد وهند، أي اهتمام بالشأن العام. لا تصريح ولا بيان ولا تولي ملفات، حتى الاقتصادية بينها. مثل هذا الغياب لعقد من حكم ”المستقبل“ غريب ، ويبدو نابعاً أكثر من رغبة الوريث في التفرد بالقرار السياسي للعائلة. في عائلة ميقاتي مثلاً، هناك دور سياسي في الظل لطه، الشقيق الأكبر لرئيس الحكومة السابق نجيب. إنها ثنائية مُفيدة سياسياً.  لكن هل العلاقة بين ريفي وبهاء مجرد نكاية؟ العلاقة أو الاتصالات بين الرجلين تبدو لوهلة أكبر من نكاية بعد خلاف بين شقيقين على اختيار شخص رئيس بلدية بيروت. هناك حدث أكبر اسمه تداعي مؤسسات ”المستقبل“ وصورة مؤسسها. في مثل هذه اللحظة الحرجة مالياً وسياسياً أيضاً، عندما تكون مؤسسات رفيق الحريري وصورته وإرثه على وشك الانهيار، ألا يستدعي الأمر تدخلاً من عائلته لإنقاذ ما تبقى؟ وريفي بإعلانه في تصريحات متفرقة خلال الأيام الماضية، علاقته ببهاء وبهية الحريري وبرئيس الحكومة السابقة فؤاد السنيورة، يُؤكد بشكل غير مباشر توكيلاً ما بحمل إرث الحريرية السياسية. هو لاعب علني يُمثل رغبات خفية داخل العائلة والفريق السياسيين. وتصريحات ريفي تحمل أسئلة عن توقيتها ومضمونها. بيد أن سبب توقيت الهجوم على الحريري غير واضح. فالانتخابات النيابية ليست على مرمى حجر، ولا موعد مبدئياً أو حتى نية واضحة لإجرائها بعد. إذن، لماذا يُطلق ريفي تصريحات وإعلانات عن تصديه لها في طرابلس وعكار والبقاعين الأوسط والغربي وأيضاً الدائرة الثالثة في بيروت؟ ولمَ الإعلان أن ”الحريري انتهى” في هذه اللحظة بالذات؟ في المضمون، يعتري التصريحات بعض الغموض. وهذا فتح الباب أمام تكهنات واشاعات وحتى تقارير اعلامية عن علاقة ما بين ريفي وبين دخول مرتقب لبهاء الحريري لعالم السياسة اللبنانية. وأصحاب هذه النظرية يؤشرون إلى أن دخول بهاء على الخط، وخروج سعد نهائياً، يفتح المجال أمام إعادة العلاقات الاقليمية لفريق ”المستقبل“ لسابق عهدها. هناك تصريحات عن اجتماعات اقليمية للشقيق الأكبر أُبلغ فيها عن رغبة في اعادة المياه لمجاريها، أي تمويل مؤسسات المستقبل، لو تصدى للعمل السياسي. وينقل ذلك حديث ريفي عن رغبة شعبية في ”حريري جديد“ من منطق تسلمه وكالة للعمل السياسي من بعض عائلة الحريري ورموزها، إلى تفسير حرفي للكلام، أي تمهيداً لدخول بهاء على خط العمل السياسي. من الصعب الحسم بأي اتجاه، بما أن بياناً واحداً لم يصدر من بهاء نفسه في هذا الصدد، وهو ما زال متفرغاً لادارة ثروته ومشاريعه. لكن يبقى أن ريفي لم يقلع عن عائلة الحريري، بل قرر اللعب بين قصورها المتعددة. هو كما قال، ”من جماعة قريطم لا بيت الوسط“. وقريطم قصر مُقفل ينتظر من يفتحه.