2017/08/08

بقلم ربيع مينا : ثرواتنا العربية ... هل هي نعمة أم نقمة

ثرواتنا العربية .. هل هي نعمة أم نقمة!! ✍🏻
الكاتب ربيع مينا
=====================
لنقف متفرجين ومراقبين لما يحدث لثرواتنا العربية، فالناظر اليوم إلى واقع العالم العربي، صاحب أكبر ثروات وموارد طبيعية في العالم، يرى التدخل الغربي وسيطرته بشكل واضح، والتي يفرضها أحياناً تحت حجج واهية ومسميات متعددة، ما هي إلا غطاء يتخفى ويتستر بها ليخفي أهدافه الحقيقية وأطماعه، ومعظم الدول التي توجه الغرب نحوها هي دول تمتلك الثروات والموارد الطبيعية.
الموارد الطبيعية لا دخل للإنسان في وجودها، فهي نتاج الطبيعة وتعتبر من أهم مخزوناتها والتي يحتاجها الإنسان لإستمراره وإستخدامها في بناء حضارته، ولكن نتيجة استغلال تلك الموارد التي أنعم الله بها علينا، خاصة البترول والمعادن، أدى إلى تراجع تلك الموارد الطبيعية بشكل خطير واستنزافها. فما حدث في العراق من حرب غاشمة نهشت الأخضر واليابس تحت مسمى الديمقراطية، دمرت شعباً بأكمله ونهشت صفوفه الطائفية، بالمقابل فإن السيطرة الأمريكية عليه لم تقتصر على الشعب بل وصلت إلى كل مقومات العراق وثرواته الطبيعية وخاصة النفط. أما ما يحدث في مصر من تردٍّ للأحوال المعيشية والإقتصادية بالرغم من إمتلاكها ثروات طبيعية كفيلة برفع المستوى المعيشي لشعبها، إلا أن التدخل الغربي سيد الموقف هنا، فهذا التدخل جعلها تخسر الكثير من استقلاليتها وقوتها. والسودان فما نعرفه عنها أنها بلد ينهش الفقر والحرمان جسدها لكنها في الحقيقة بلد فيها موارد وثروات في كافة المجالات، ولكن المطامع الغربية مزّقت السودان إلى جزأين وانحصرت جميع الموارد في الجزء الجنوبي منه وحرم الجزء الآخر منها.
ولقد صنف الباحثون البيئيون الموارد البيئية الطبيعية إلى ثلاثة أصناف يندرج في كل واحد منها عدد من الموارد وهي: الموارد غير الحية والتي تتضمن الماء والهواء والطاقة الشمسية الحرارية والضوئية والمعادن والمعادن المشعة ومصادر الطاقة مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي، ومجموعة الموارد الحية وتتضمن جميع النباتات الطبيعية من غابات ونباتات صحراوية والحيوانات البرية.
وبالرغم من تلك الثروات الهائلة وخصوصاً البترولية والبحرية لم يصل إلى شعوبنا العربية سوى الفتات منها، بل إن الفقر والبطالة ما زالا يعشعشان في ثنايا وطننا العربي، فبسبب ضعف التدبير وتفشي الفساد والنهب وسوء توزيع وترشيد استهلاك الثروات الطبيعية، أدى إلى اختلال التوازن البيئي وأضر البيئة بشكل عام، فأصبحت ضعيفة هشة غير قادرة على خدمة أبنائها. فالتركيز على ثروة طبيعية معينة كزراعة الأرض أكثر من مرة في السنة يؤدي إلى إجهاد تربتها، والفحم والبترول وبعض الخامات المعدنية هي موارد يحتاج تكونها إلى مرور عصور جيولوجية طويلة، وكل ذلك الإجهاد لتلك الموارد بسبب نظرة الإستغلال من قبل الغرب لها والطمع في الحصول على أعلى وأكبر كميات منها، كل ذلك أدى إلى تحولات في تلك الثروات تهدد مستقبل العالم العربي فهذه العناصر لم تعد قادرة على التقديم لأنها تعطي أكثر مما تأخذ.
لم تعد ثرواتنا العربية نعمة بل أصبحت نقمة وكأنها لعنة على الوطن العربي، بسبب استغلال المنطقة العربية من قبل الغرب من أجل تحقيق مطامعهم وأهدافهم من خلال هذه الموارد الطبيعية، دون الإكتراث بما سيحل بتلك الثروات بعد استنزافها، فقد ارتبط وجود الثروة الطبيعية  بتفجر صراعات وحروب أهلية تلهي العالم العربي عن ثرواته لتأخذها الدول الغربية وكأنها "تسحب الشعرة من العجين"، وليس هذا فقط فلم يقف الطمع بثرواتنا من قبل الغرب بل نلاحظ في السنوات الأخيرة ظهور ميليشيات مسلحة استولت على آبار البترول كما حدث مؤخراً في العراق وسوريا.
وبحسب تقديرات لوكالة الأناضول عام 2012، فإن نتاج المنطقة العربية من النفط يعادل 30.3% من الإنتاج العالمي، ونسبة 55.8% من احتياطي النفط المؤكد عالمياً. وتنتج المنطقة العربية ما يقارب 17.2% من الإنتاج العالمي من الغاز الطبيعي، وتستحوذ على نسبة 27.3% من نسبة الإحتياطي العالمي في مجال الغاز الطبيعي وفق صندوق النقد العربي.
وبنظرة شاملة للعالم العربي، نجد بأنه كنز من الثروات الطبيعية التي تستطيع لوحدها رفع اقتصاده وتحقيقه الإستقرار الإقتصادي وانخفاض نسبة البطالة، وتعد السعودية الأولى في العالم في إحتياطيات النفط والخامسة عالمياً بالنسبة للغاز، ونظراً لكونها من كبار منتجي النفط في العالم فإن استمرار استنزاف الموارد يهدد بتراجع ترتيبها بشكل لافت، وهو ما لم يحدث منذ عقود. أما العراق فلديها احتياطات نفطية تقارب 9% من مجموع الاحتياطات العالمية، ويمتلك العراق احتياطاً من الفوسفات تقدر قيمته بحوالي 1.1 تريليون دولار.
أما المغرب فيشمل موارد فلاحية وثروات معدنية وسمكية، فنسبة الأراضي الصالحة للزراعة ما يعادل 17.7% من أراضي المغرب، إضافة للثروة المعدنية مثل الفوسفات حيث يحتضن أكبر احتياطي في العالم لمعدن الفوسفات، وأيضاً يعتبر من أهم الدول المنتجة للثروة السمكية حيث يقدر إنتاجة ما يقارب 594 ألف طن من الأسماك. أما الجزائر فتحتل المرتبة 15 عالمياً في احتياطي النفط والمرتبة 18 من حيث الإنتاج و12 من حيث التصدير إضافة إلى ثروات الغاز، أما عن ليبيا فالنفط هو العائد الأساسي لاقتصادها حيث بلغت نسبته من العائدات المالية ما يعادل 60%، إضافة إلى امتلاكها احتياطي غاز طبيعي ومواد بيتروكيماوية مهمة وغيرها، وتونس التي تعتمد على النفط في تلبية حاجاتها ووجود ثروة مائية تعادل 5% من مساحتها الإجمالية ونسبة 17% أراضٍ صالحة للزراعة من مساحتها الإجمالية، وغيرها الكثير من الدول والثروات الطبيعية. 
فمتى سننعم بخيرات أرضنا، ومتى سيستفيد أصحاب هذه الثروات منها وإن لم يكن منها لعله يكون من تصديرها، متى سيصبح العالم العربي في حالة اكتفاء ذاتي داخلي، متى لهذا الإستغلال أن يقف ؟
إن تراجع الوطن العربي عوضاً عن تقدمه، والأهوال التي تجتاح الوطن العربي كان أحد أسبابها الإستعمال الخاطئ لتلك الثروات الطبيعية، وبذلك تصبح ثرواتنا العربية لعنة تلاحقنا ونعمة تعمّ غيرنا.