2017/08/02

ربيع مينا : طرابلس عاصمة اقتصادية للبنان ، كل المقومات متوفرة .. بحاجة الى قرار رسمي

طرابلس عاصمة اقتصادية للبنان:
كل المقوّمات متوفرة وبحاجة إلى قرار رسمي ✍🏻 ربيع مينا
======================
لطالما دغدغت أحلام الطرابلسيين ونادى بعضهم بتحديد وظيفة مدينتهم التي حملت في الماضي أسماء وصفات عديدة: عاصمة الشمال، الفيحاء، مدينة العلم والعلماء، أمّ الفقير، إلا أن ذلك لم ينتشلها من واقعها المرير بالرغم من كل ما تتصف به من

مميزات تفرض إعطاءها وظيفة رسمية بين المدن اللبنانية وتضع حداً لترييفها وإغراقها بالمزيد من الفقر والتهميش وتحرمها من الإنماء المتوازن، وهكذا أُبقيت على الهامش باستثناء اعتمادها صندوقة بريد لتبادل الرسائل الدموية بين الأفرقاء المتصارعين خلال بضع سنوات عجاف مرّت فيها في الحقبة الماضية.
وحده رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس ولبنان الشمالي توفيق دبوسي أدرك ببعد نظره ومن خلال خبرته الواسعة قبل وبعد تولّيه رئاسة الغرفة أن تحديد وظيفة طرابلس أمر لا بد منه وهو ممكن إستناداً إلى ما تحتضنه المدينة من مرافق ومقوّمات، خاصة بعد أن حوّل الغرفة إلى بوابة ومحطة للوفود اللبنانية والعربية والدولية التي دأبت على زيارة طرابلس للإطلاع على أوضاعها وإمكانية أن تكون لاعباً أساسياً في إعمار سوريا والعراق، بعد الحرب، وأن تكون همزة الوصل بين لبنان والعالم.
دبوسي أعدّ مع فريق عمله في الغرفة دراسة وافية حول مقوّمات ومرتكزات ومبرّرات ودوافع اعتماد طرابلس عاصمة إقتصادية للبنان أسوة بما يعتمده الكثير من دول العالم لجهة وجود عاصمتين، واحدة سياسية وأخرى اقتصادية.
وقد حمل هذه الدراسة على رأس وفد اقتصادي شمالي رفيع ووضعه بين يدي رئيس الحكومة سعد الحريري الذي عبّر عن إعجابه بالمشروع واعداً بإدراجه على جدول اجتماع مجلس الوزراء المزمع عقده في طرابلس، هذه المدينة الغنية بتاريخها الاقتصادي الحافل والقائم على التبادل التجاري والثقافي وارتباطها بدول المنطقة والعالم جعل منها، عبر العصور، جسراً يربط بين الشرق والغرب، وتتركّز فيها أعداد كبيرة من المرافق العامة الرئيسية وكُبريات المؤسسات الخاصة والعامة غير المتوفرة في مناطق لبنانية أخرى، وتضم طاقات بشرية متخصصة وعالية المستوى وكفاءات علمية متقدمة وقدرات تعتمد على أياد عاملة تمتلك حرفية مهنية متطورة تشكّل مَواطِن قوة اقتصادية واستثمارية.
كما تمتلك طرابلس كل العوامل والحوافز للقيام بالمشاريع التي تساعد على النهوض بدورها وتعزيز مكانتها وتجعل منها رافعة للاقتصاد الوطني. وتمتلك طرابلس كل مَواطِن القوة الاقتصادية كما تتمتع بموقع استراتيجي جاذب، إلى جانب المرافق العامة:
- المرفأ الذي شهد، خلال السنوات القليلة الماضية، وما يزال، ورشة تأهيل بُناه الخدمية واللوجستية، وفيه اليوم رصيف للحاويات بطول 600 متر وحوض بعمق 15,5 متراً، وفيه رافعات عملاقة لشركة غولف تاينر العالمية المتخصصة في مجال إفراغ وتحميل الحاويات، عدا عن المساحات الواسعة المؤهلة لتخزين المواد والسلع التي يحتاجها لبنان والمنطقة، وجهوزية المرفأ توفر آلاف فرص العمل.
- المنطقة الاقتصادية الخاصة وهي من أهم المشاريع الاستثمارية المعاصرة التي تؤسس لدورة اقتصادية وطنية متكاملة، وقد لعبت غرفة طرابلس دوراً أساسياً في وضع المنطقة على السكة الصحيحة عبر تقديماتها (مكتب خاص، خبير في شؤون المناطق الاقتصادية) مجسدة بذلك أبهى صور التعاون بين القطاعين العام والخاص، وذلك إيماناً من إدارة الغرفة بأهمية النهوض بالاقتصاد الوطني والدفع بطرابلس إلى الأمام ووضعها على خارطة الاستثمار المنتج.
- معرض رشيد كرامي الدولي وهو من أكبر المعارض اللبنانية مساحة (مليون متر مربع) وقد نص مرسوم إنشائه على أن يكون المعرض الحصري في لبنان، إلا أنه بحاجة إلى إعادة تأهيل وتطوير، بعد عقود من الإهمال، كما يحتاج إلى تحديث أنظمته وتشريعاته كي يصبح بيئة استثمارية لبنانية وعربية ودولية، إلى جانب تأسيس شركة لبنانية من القطاعين العام والخاص لتحريك عجلة مشاريعه وانتشاله من الروتين الإداري الذي يعاني منه منذ عقود خلت.
- مطار الرئيس رينيه معوّض (القليعات) الذي جزمت الدراسات بإمكانية تحويله إلى مطار مدني، مما يساهم في تخفيف الضغط عن مطار الرئيس رفيق الحريري (بيروت)، ويسهم في إنماء منطقة عكار وكل الشمال وإنعاشها وتوفير آلاف فرص العمل في منطقة تعاني من البطالة والفقر والتهميش، وهو يشكل مع مرافق طرابلس سلسلة متكاملة.
- منشآت النفط (المصفاة) التي تحتاج إلى تطوير وتشغيل بدل أن تبقى على ما هي عليه، خاصة أن لبنان على موعد مع استخراج النفط والغاز، مما يوفر آلاف فرص العمل، وهذه المصفاة تضم مساحات شاسعة تصلح لإنشاء خزانات للنفط، وهي تخدم كل لبنان وليس الشمال وحده.
- سكة الحديد التي لطالما وضعت مشاريع إعادة تأهيلها وتشغيلها لتربط بين طرابلس والحدود اللبنانية السورية ومنها إلى العالم، إلا أنها لم تبصر النور حتى الساعة، كما تساهم في خلق منافسة مشروعة مع وسائل النقل البري وتنشّط حركة المرافئ، وتفتح المجال أمام آلاف فرص العمل.
- المدينة القديمة والقطاع السياحي، فطرابلس القديمة تعتبر أكبر مدينة أثرية في لبنان والمنطقة وتحتضن مختلف الحضارات التاريخية المتعاقبة وفيها حوالي 200 معلم أثري، عدا عن مئات الأبنية التراثية، وهي بحاجة إلى إعادة تأهيل واستثمار سياحي من قِبَل القطاعين العام والخاص.
يُضاف إلى كل ذلك ما تتميز به طرابلس على صعيد قطاع المفروشات والصناعات الخشبية والحرفية والأرتيزانا، ومعظم هذه الحِرف ما يزال قائماً إلا أنه بحاجة إلى رعاية وتطوير، وقد بذلت غرفة طرابلس مساع عديدة لتوفير الدعم لهذا القطاع بالتعاون مع مؤسسات وجمعيات لبنانية ودولية إلى جانب تنظيم دورات تدريبية للحرفيين وتأمين القروض الميسّرة لهم.
ويؤكد الرئيس توفيق دبوسي في كل المناسبات واللقاءات أن الهدف من تسمية طرابلس عاصمة اقتصادية للبنان هو دعم الاقتصاد الوطني لأن الفوائد لن تقتصر على طرابلس والشمال بل تطال كل لبنان والوطن العربي والعالم، لأن الاقتصاد يرتبط بالمصالح الدولية.
ويأمل أن يقرر مجلس الوزراء تسمية طرابلس عاصمة اقتصادية للبنان تمهيداً لإعادة إحياء مختلف مرافق وقطاعات المدينة وجذب الاستثمارات والمستثمرين من لبنان والعالم الذي أصبح مقتنعاً، بعد إطلاعه خلال زيارات مختلفة، بأن طرابلس قادرة على أن تلعب هذا الدور الحيوي.