2018/12/21

سليمان الاسعد : تنكر الفكر الأصولي للعروبة ... لغة الضاد ...عكار والبقاع بالحرمان توأمان ... معظم المزارعون .. غارقون في الديون ...





الفكر الأصولي الذي تنكّر للعروبة أو عاداها أو تجاهلها باسم الدين، رغم أنه قد ورد ذكرها في الآيات القرآنية، وأحاديث الرسل (ص) بأكثر من مناسبة، وجد نفسه أسير التفكك المذهبي، أو المنطق الشعوبي الذي لا يبني مستقبلاً، ولا يشيد إيماناً بقدر ما ينبش أحقاداً، ويطلق توترات عصبية تفتيتية لا قعر لها وهي أبعد ما تكون عن دين التوحيد نفسه.
فالعروبة إذن هي البوصلة لأنها تحديد للهوية، وهي الأرض الصلبة التي تشاد عليها البنى الفكرية والأيدولوجية لأنها الإطار الذي يحدد السيادة، بل هي المجال الرحب الذي تتنفس فيه كل الأيديولوجيات، فتكسب عمقها التاريخي ومداها الجغرافي، لتصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات الضخمة للقوى الاستعمارية الكبرى التي تنطلق في تخطيطها واستراتيجياتها من وحدة الأمّة وعروبتها لتعمل في سياساتها وتكتيكاتها على ضرب الوحدة كحركة والعروبة كهوية….

عكار والبقاع والحرمان توأمان. منذ الاستقلال وحتى اليوم، والفقر تتسع دائرته وتتوسع، حتى إن هذه المناطق المنسية منذ عهود تربعت على أعلى معدلات الفقر في لبنان وفق كل الدراسات، الأممية منها والوطنية. 

أينما توجهت في هذه المنطقة وشبح الفقر جاثم في كل موقع، من شاطىء البحر الى الهرمل بعلبك وصولنا البقاع الغربي يعيشون خبزهم كفاف يومهم، الى السهل الفسيح ومحيطه وحتى مختلف المناطق حيث المزارعون تائهون غارقون في الديون من موسم الى آخر والقطاع برمته الى تراجع شأنه شأن المشتغلين فيه. والأمر نفسه في مختلف القطاعات الصناعية، الصغيرة والحرفية، حيث ان العاملين فيه أوضاعهم صعبة للغاية وبالكاد هم قادرون على الاستمرار نظراً إلى أن الصناعة السياحية حديثة التكون، فدونها والنجاح عقبات كثيرة من الواجب على المعنيين تذليلها. 

وإذ تشكل الزراعة العمود الأساس لمعيشة الأهالي الى جانب الوظيفة العامة وبخاصة الاسلاك العسكرية والتعليم... إلا أن هذه المنطقة تصنف منطقة فتية بامتياز، ذلك أن معدلات الشباب فيها في تنامي مطرد بحكم ارتفاع معدلات الولادة فيها (متوسط عدد افراد العائلة في عدد من البلدات العكارية ولبقاعيون بين 5 و 9 أفراد في العائلة الواحدة). إلا أن تناقص فرص العمل وتراجع إنتاجية القطاع الزراعي شكّلا عاملاً أساسياً لهجرة الشباب من الريف إلى المدينة، ومن لبنان الى الخارج، حيث الأحلام بأن تتاح لهم سبل العيش الكريم، فيدفعون في هذا السبيل أثماناً باهظة من حياتهم تعباً ومغامرة الى المجهول، وغرق العائلات في المحيطات أبلغ دليل.