2019/07/03

يعقوب الاسعد : رئيس جمهورية الحدث، إحدى جمهوريات الموز في دولة لبنان الكبير، يصدر قراراً يمنع المسلمين من التملك والإستئجار، في زمن العهد قوي من أحد ابنائه ... عندما نحدثكم ...



رئيس جمهورية الحدث، إحدى جمهوريات الموز في دولة لبنان الكبير، يصدر قراراً يمنع المسلمين من التملك والإستئجار، في زمن العهد قوي من أحد ابنائه  ...

عندما نحدثكم عن الحدث، إحدى جمهوريات الموز في إتحاد لبنان الكبير، فإننا لا نرمي بالتعابير جزافاً ولا نصطنع لهم جمهوريتهم الناشئة ولا ننفصل عن الواقع ولكن  تعصرنا المرارة والحرقة على بلد كان يتغنى به الكبير والصغير ، إلى أن وقع أسيراً بين براثن ثلة من تجار الحرب عاثت به فساداً ونهباً وتخريباً، وبأهله تخويناً وتجويعاً وترويضاً.  عندما نسمي بلدةً بلداً فلأن رئيس بلدية تلك البلدة إنفصل عن الوطن إجتماعياً و أخلاقياً و إن لم ينفصل عنه جغرافياً.

إن الجغرافية الإجتماعية أهم بكثير من جغرافية المكان ، فالمكان لم يفصل جنوب السودان ، ولا المكان من يريد سلخ كردستان ، ولا أيضاً تضاريس جبال الهملايا من سلخت باكستان عن الهند ، ومن ثم بنغلادش عن باكستان ... والأمثلة كثيرة !! جغرافية  الزمان تمهد لجغرافية المكان ... و العكس غير صحيح، والدليل أن تقسيم الدول العربية بجغرافية المكان لم يستطع أن يقسمهم إجتماعياً وما زالت اللحمة العربية والتعاطف العربي بين أصقاع بلداننا العربية.  هل نعطي الأمور أكثر من حجمها في هذا المقال ؟ بالطبع لا . نستند إلى الواقع ، الواقع اللبناني قبل الحرب الأهلية وخلالها وما بعدها ، والأعلام التي كانت ترفع والتقسيمات التي كان يرادها للبنان، والنفسيات المريضة الحاقدة التي ادارت رحى الحرب ومن ثم ادارت كفة البلاد وما زالت. لا ندري أين كان السيد جورج عون قبل الحرب وخلالها ، ولكن ما نعرفه أنه نصب نفسه رئيساً لجمهورية الحدث عندما أصدر قراراً يمنع على المسلمين الاستئجار والتملك بمدينة الحدث، وما نؤكده أنه انسلخ عن هذا الوطن وسلخ الحدث معه جغرافياً عندما أصر بوقاحة الطائفي على قراره و دافع ومن وراءه عنه و علله.

لا ندري إن كان هذا القرار ، والتعنت به، إستمراراً لمؤتمر المنامة القاضي بتصفية القضية الفلسطينية وبتوطين الفلسطينيين، ولا إن كان ملحقاً للتنازل الذي قدمه جنبلاط لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا من بضعة أشهر، ولكن ما نعرفه ونجزم به ، أن هكذا قرار يتعارض مع الدستور اللبناني و مع إتفاق الطائف و إن كان وجد له محل في قوانين مبعثرة من جمهوريات الموز، فلا مكان له دستورياً وقانونياً. قال تعالى في محكم التنزيل : أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ .

إن هذا الوطن ملك الجميع، و تنوعه الطائفي فسيفساء و لوحة تحتم على الجميع أن تراعي هذا التنوع و تتعايش معه، وأنه لمن المحرج أن نذكر بهذه القاعدة التي كنا ، وإن لم نكن من جيل الحرب، إعتبرنا أنها أصبحت من المسلمات. إن التعليلات التي دافع عنها السيد جورج  لم تقنع حتى السذج و لا مكان لها في لبنان ، فإن كنت تخاف من المد المسلم مالذي يجعل المسلم لا يخاف هو أيضاً من المد المسيحي و هكذا دواليك، وإن طبقت قرارك في الحدث مالذي يمنع أبناء الغربية من إصدار قرار مماثل مثلاً ، و من أن يحذوا أبناء صور حذوهم ...  فالفعل يولد رد الفعل ، و التعليل بأن هكذا قرار تم بالتشاور مع بعض القيادات المسلمة ، فإنها نكتة العصر . فإن كان بالفعل تم بالتشاور ، فإن من تشاورتم معه لا يقل عنكم طائفية  وبالتالي لا يستحق صفة القائد وعليه وعليكم أن تعيدوا حساباتكم وأن نعيد حساباتنا في إيلائكم للقيادة.

نعتذر لإخواننا الشرفاء المسيحيين، سنتكلم بطائفية مصدر القرار ... إن السيد عون ، هو إبن التيار الوطني الحر والذي يضم آلاف المنتسبين، و في الصفوف الخلفية من المسلمين، الذين سيعيدون حساباتهم بالطبع بعد هكذا قرار. إن السيد عون هو إبن العهد القوي، عهداً باعنا أحلاماً وردية و وعدنا بإنجازات إقتصادية وبمحاربة للفساد ، فآمنا مع المؤمنين بهم  وتوسمنا خيراً ، إلى أن رأينا عهداً من أضعف العهود، فساداً استشرى ، فقراً تفشى ، إقتصاداً تهاوى ، وصهراً حاكماً بأمره، ضاهى بجبروته جبروت الملوك المطلقين. إنه ليست المرة الأولى التي نرى ونسمع فيها أفعالاً و مواضيع و قرارات طائفية من التيار الأصفر و لكن هي المرة التي لم نستطيع فيها ، أمام طائفية حكام جمهورية الحدث إلا أن، كما يقول المثل الشعبي، نبق البحصة، وإن من دون أن ندخل في تفاصيل وزارة الإتصالات ، أو التربية، أو الطاقة ، أو الخارجية، وتعييناتها الطائفية فإن كان قادتنا فاسدون مرروا فساداً مقابل فساداً فالشعب الذي لم يكسب إلا ذلاً وفقراً وغربةً لم ولن يمرر  ... إلى التعطيلات الوزارية كرمى لعين الصهر و تعطيل البلد و شل إقتصاده أكثر مما هو مشلول إلى  أحد أبشع انجازات هذا العهد القوي، القانون النسبي الذي يتغنون به و الطائفي بإمتياز مع مرتبة القرف ،و الذي فصله قادة الوطني الحر على مقاسهم ولد لهم أغلبية برلمانية، قانون يعتبر جريمة وطنية يستوجب إستئصاله عاجلاً ليس آجل.  
إن الوطني الحر، و على ما يبدوا، أصيب بداء العظمة، لم يكن يحلم بالمركز الذي وصل إليه ، فأصبح بموقع أعلى ما كان يراوده في الحلم ، فصار على ما هو عليه الأن، ينسج القوانين على مقاس دكته ... غير آخذاً في العبر دروس التاريخ، ناسياً أنها لو دامت لغيرهم ما وصلتهم. 
إن إتفاق الطائف واضح وصريح ، لا تستطيع أن تأخذ منه ما يعجبك وترمي بالبحر ما لا تسوغه مقلتك، إما أن ترضى به وتكف وغيرك على الكيل بمكاييل مختلفة أو أن نصنع إتفاق جديد على قياس كل واحد في هذا البلد فما صح من ثلاثين عاماً لا يصح الأن ... أفيقوا إن كنتم ستكملون بخوفكم وتخوينكم، فهذا البلد جماله بتنوعه .... نختم بوصية السيد المسيح الأخيرة  لتلاميذة : ” أُعطيكم  وصيةً جديدة : أحبوا بعضُكم بعضاً . كما أنا أحبَبتُكم ، أحِبُّوا أنتم أيضاً بَعضُكم بَعضاً . إذا أحبّ بعضُكُم بعضاً عَرَف الناس جميعاً أنكُم تلاميذي ” دعونا نحس انكم تلاميذ السيد المسيح لا تلاميذ أحد آخر .... 



بقلم يعقوب الأسعد