2016/06/13

الولايات المتحدة والفوضى الخلافة

الفوضى الخلاقة
هل تكمن حقا المشكلة في ما تخطط له الولايات المتحدة الأميركية منذ عقود من فوضى خلاقة تفرضها على المنطقة من خلال اجندات معد لها مسبقا فتقسم المقسم و تجزء المجزء و تخلص الى شرق اوسط جديد ؟ اذا فالسؤال ليس ان كان هناك فوضى خلاقة ام لا ؟ لكن ان كانت الفوضى الخلاقة هي سبب مشاكلنا ام لا ؟ حسب العقيدة الأسلامية  يشكل مفهوم الجهاد احد اهم ركائزها, الا ان مفهوم الجهاد يحتكم الى فقهيات و تشريعات تختلف احكامها بأختلاف مفسرينها و مشريعينها ابتداء من الحاكم العام المبايع (الخليفة سابقا) الذي يحق له الدعوة الى نفير المجاهدين مرورا بالضرورات التي تقتضي الدعوة الى الجهاد بمفهومه الشرعي انتهاء بالأحكام التي بمقتضاها ينهي الحاكم العام حالة الحرب او عقد الهدن او اتفاقيات السلم او الصلح . و مع غياب ذلك الشكل من الأطار الذي  يتوجب من خلاله التعامل مع ركيزة الجهاد و بوجود استعمار مباشر و استعمار بالوكالة في الدول العربية ذات الغالبية السنية و ما نجم عن ذلك الواقع من استخدام لمفاهيم الجهاد بشكل مشوه من قبل قوة الأستعمار لا سيما الأميريكي و الغربي و ترسيخا لمفاهيم الجهاد من اجل حشد همم (اهل السنة العرب) من اجل القتال بالوكالة في افغانستان و الشيشان ضد المعسكر السوفياتي ابّان الحرب الباردة في سياق السباق الى السيطرة و الهيمنة على مقدرات العالم من خلال فرض السيطرة على مصادر الطاقة و وضع قواعد عسكرية  في مواقع جديدة و متقدمة تساند مشاريع المعسكر الرأسمالي و من يدور في فلكهم من اجل ضمان الأستمرارية في السيادة على العالم.
لقد كان هذا كله المقدمة في اجندة المعسكر الرأسمالي سبق تاسيسي لمفهوم الفوضى الخلاقه , حيث عهد لدى المفكرين و المخططين الأستراتيجيين ان سياساتهم سوف تسهم في خلق الظروف الملائمة لفرض سياسة الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط الغني بالطاقة و المحيط بأسرائيل و ذلك من خلال استغلال مفهوم الجهاد لدى العوام من المقاتلين في افغانستان من خلال خلق بيئة تعود الى عصر القرون الوسطى  ترسخ لمفاهيم الرجعية و التطرف في نفوس الاّلاف من المقاتلين و هذا ما نجحت به اميريكا من خلال خلق بيئة افغانستان المسيطر عليها من قبل طالبان و القاعدة و بهذا خلقت البيئة الظلامية التي ترعرع فيها رجال ابعد ما يكونوا عن العصرية و لعقود مما عزز في اللاوعي لديهم و وجدانهم مفاهيم لا تمت للواقع او الحداثه بصله  و مع عودتهم لأوطانهم كان من اليسير السيطرة عليهم من قبل قياداتهم المخترقة استخبراتيا و مع وجود الديكتاتوريات في الدول العربية التي عمدت بمباركة مدروسة من قبل المعسكر الاميريكي الى ترسيخ سياسات الأفقار و التجهيل و التعامل مع كافة القضايا الاجتماعية و الأقتصادية من خلال منظور امني بحت و مع تعاظم الشعور بالظلم و الأهانة و مع تعاظم الجهل و الفقر و ما ينتج عنها من مخلفات اجتماعية لا تطاق كان من المؤكد و الحتمي و كنتيجة وحيدة لا مفر منها ان تؤدي تلك السياسات الى خلق بيئات ترعى و تحتضن الفكر المتطرف من الباطن و تؤدي بشكل حتمي الى الأنفجار و التوجه الى الثورات الشعبية التي اطاحت برؤوس الأنظمة الدكتاتورية في الوطن العربي و هذا ما كان مدروس مسبقا لدى الولايات المتحدة الاميركية كنتيجه حتميه لكل المقدماه السابقه و قد عبّر عنه و لعقود كافة الدبلوماسيين الاميركيين و كافة صناع القرار السياسي في البيت الأبيض من خلال مفهوم الفوضى الخلاقة و مفهوم الشرق الوسط الجديد.
لقد كانت اجندة الفوضى الخلاقة تنص على دعم السياسات الدكتاتورية في الدول العربية من اجل تمرير المصالح الغربية و ترسيخ الوضع الاسرائلي في المنطقة مما اكسب المصالح الغربية مما ابقى و رسخ المكتسبات الاستراتيجيه التي حققتها منذ انهيار الامبراطوريه العثمانيه و هو ما كان يؤرق تفكير الاستراتيجيين في غرب حول مستقبلهم من منطلق تواجدهم في الشرق الاوسط , مما اسهم في تفاقم المشاكل الداخلية الاقتصادية و الاجتماعية في الدول العربية و هنا كان البند الثاني في اجندة السيطرة على منابع الطاقة و مد السيطرة الاميركية على العالم جاهز من خلال السيطرة على منابع النفط و كان البند الثاني ينص على التخلي عن رؤوس الأنظمة الديكتاتورية في الدول العربية دون المساس بجسد تلك الأنظمة و ذلك من اجل تغليف مخطتاتهم اخلاقياو ذلك بدعم المطالب بالتحرر و العداله و التنميه من خلال تغليف التوجهات الأميركية في المنطقة بغلاف نشر الديموقراطية و الأبقاء على الفاشية الأمنية في الدول التي يسبق و تحدث فيها القلاقل و الأضطرابات الامنية الناجمة عن الثورات العربية و تسيير الظروف من خلال الدول العميقة الداخلية و التي تم بنائها عبر عقود من الأفساد الممنهج للدوائر الأمنية في الدول العربية و اخضاع تباعيتها و ولائها للغرب الأميريكي من اجل الأبقاء عليها و ابقائها في مراكزها دونما محاسبة على ماضيها الذي استمر لعقود من التعذيب لمواطنيها  و حماية السياسيين الذين نهبوا ثروات البلاد و تقاسموا بعض منها مع من كان يدير تلك الاجهزة الأمنية و لعقود طويلة و بذلك يمكن ابطال مفعول كل تلك الثورات العربية و استنساخ انظمة جديدة اكثر انهاكا و اكثر ذلا و تقبل بتقسيم المنطقة الى دويلات طائفية تبقى متناحرة و متقاتلة تعمل على خروج الدول العربية تماما من منظومة العالم الحضاري و بلا رجعة مع افقار العالم السني الذي يعتبر تاريخيا المسؤول الأول عن نهضات العرب من بداية الرسالة الأسلامية و الى اليوم الذي سقطت فيه اخر خلافة اسلامية و بهذا تضمن الهيمنة الأسرائلية على المنطقة حيث تم استخدام ايران (المعسكر الشيعي) كحليف استراتيجي و بالتوازي مع كل الخطط الأميركية في افغانستان و العراق و لبنان و سوريا من خلال الأبقاء و اذكاء الطائفية حيث لا يمكن للطائفية و المذهبية ان تنتشر دونما تعصب سني و جاهلية شيعية ,  و يكفي النظر الى ليبيا الثورة مع وجود اللواء الليبي حفتر و ما ينتج الاّن عن اضعاف للثورة الليبية من خلال استخدام فزاعه داعش و وجود الثورة المصرية و المشير السيسي في مصر و عدد الضحايا الذي تخطى حاجز الاّلاف من قتلى و جرحى و معتقلين بحجه محاربه الارهاب و التطرف الاسلامي السني و الثورة السورية و الأبقاء على الوضع السوري دون تدخل يحسم المهزلة مما يذكي الطائفية و المذهبية على خطوات ثابتة من اجل التقسيم الجغرافي و مشاكل تونس مع البنك الدولي الرافض لتمويل الأستقرار النسبي هناك و الفراغ السياسي الموجود في لبنان و المتتالي عقب انتهاء كل ولاية لرئيس لبناني. و دونما الخوض و الغوص في تفاصيل تلك الثورات و ماّلاتها نعيد طرح نفس السؤال هل المشكلة في ان امريكا و اسرائيل و الغرب يخطط و ينفذ كل تلك الخطط من خلال الفوضى الخلاقة ام فينا نحن الذين تفاجئنا فيما هو حتمي و بديهي من ثورات و ذلك بعد ان تفشى الأحباط و لعقود في وجدان الشخصية العربية و ان العربي غير قادر على التحرر ؟؟ لقد تنبأت ايران و تركيا و روسيا لتلك الثورات و جهزت لها و اعدت التحالفات و فرضت اجنداتها على المنطقة في انتظار الحصاد .. و كل هذا الطبيعي و نحن لازلنا نتخاصم فيما اذا كانت تلك الثورات هي ثورات ام فبركة غربية و ان ما يحصل في مصر ثورة ام انقلاب و ان المنطقة تنتفض و تستعيد شبابها ام تذهب الى الجحيم و ما زالت الأسئلة المفروض سؤالها لم تأخذ فرصتها حقا و هي : 
انه اذا لم يكن من الفرار من القدر بد فلماذا لا يتم الأنقضاض على كل ما تبقى من اسباب للظلم طيلة عقود و  الأنتهاء منها نهائيا ؟ و طرح السياسات التي تمكنها من الأجهاز على اسباب الدكتاتورية في المنطقة ؟ و ان اذا اتفقت مصلحتي مع الشيطان لماذا لا استغل الشيطان في خطواته للتخلص من اسباب الافقار و التجهيل و استلام زمام الأمور و تسيير ما تبقى من ثروات و جغرافيا عربية ؟ و هل حقا يوجد من يستحق من قيادات عربية ان يتم التباكي عليهم حتى نستنفر كل تلك الجهود من اجل التبرير لحقبهم البائدة  و الأبقاء عليها عوضا عن ان نثور في وجهها؟ ام حقا لا يوجد من هو مؤهل لقيادة المنطقة من بعدهم بفعل افقارهم و تجفيفهم لكل ثروات البلاد حتى لأرحام النساء في الدول العربية لدرجة بلغت العجز عن ايجاد من يخلف الديكتاتورية ؟؟ نتحدث و نسهب بالحديث و نقاش هل حقا هو ربيع عربي ام شتاء عربي؟ و كأن المنظومات العربية كانت سابقا  لا هم لها سوى اعلاء الكرامة العربية و الحفاظ على الهوية العربية لا طمسها و اهدارها طيله حقبها!!!!