2016/08/20

قصة مثيرة جدا ماذا جرى بين الاب وطفلته ...

قالت : إني وضعتها أنثى ...(خلق في ثقافة القصص الموجهة )..

أخْرَجوها من غرفة العمليات.. و هو أعصابهُ مشدودة.. بدأتْ ترتاح عندما رأى زوجته بخير.. 
و قدمت الممرضة بالمولود الجديد.. نسي نفسه و زوجته و العالم بأسره.. ركض إليها مسرعاً.
- ماذا رُزقتُ؟؟
- أنثى.
- تيارات قاسية من الحزن تخرج من جوفه تمرُّ بحلقه و تخترق رأسه!!.
- إنها جميلة جداً.. و قالت أمها إنها (هند).
- نظر إليها.. شِفاهُ (هند) الطرية تتحرك و كأنها تريد أن تبتسم لوالدها..
لكن عيونه كانت تتحدث: لماذا أتيتِ؟! لم أريدك أنتِ! كم انتظرتُ هذا المولود؟!.
يا الله! أيسبغ علينا سبحانه بنعمائه ثم نرْكلُها بدلاً من الحمد و الشكر ؟!
دخل إلى زوجته بعد أن نقلوها إلى غرفتها.. تحدثّتْ إليه:
- ألم ترها؟! إنها جميلة جداً.. انظر إلى هذه الشعرات الشقراء ما أروعها؟!.
- لم يردّ سوى بـ: (حمداً لله على سلامتك).. غصّت الأم و اغرقت عيناها بالدموع.. 
ضمّت ابنتها.. نظرتْ إليه نظرة فاحصة، كاد يعميها الحزنُ الذي يتلبّسه ، أشاحتْ وجهها عنه و أرضعت (هند) فتدفقتْ في لبنها جرعات زائدة من الحب و الحنان ..علّها تعوضها ما ستفقد من حنان الأب!
مرّت الأيام.. (هند) تكبر و تحلو.. و أبوها غير مكترث لها.. غافل عن لحظات السعادة التي تغمر الوالدين عندما يراقبان حركات و سكنات ولدهما.. اليوم لغة.. غداً تحبو.. و بعدها تمشي .. و هكذا.. عيناها الزرقاوان تلمعان و تسحران كل من يراهما بصفائهما و بريقهما..
صار عمرها خمس سنوات و الشعر الأشقر وصلت إلى كتفها..
ذات يوم كان أبوها جالس.. فأمسكتْ الكرة و رمتْها إليه.. لمست الكرة برجله و لم ينتبه! ركضتْ نحو الكرة و رمتْها إليه مرة أخرى.. أيضاً لم ينتبه.. صعدتْ اليه و.. قبّلت يده و وضعتْها على وجهها.. لكنه لم يتحرك!!..

نظرتْ إليه فإذا هو نائم.. وضعت رأسها على حضنه و بدأت تغني بكلمات قليلة حفظتها من أمها .. و هي تمرر يدها على يده و كأنه طفلها و هي تنوّمه.. و هكذا حتى نامت هي الأخرى.. دخلت الأم فوجدت الاثنين نائمين معاً.. تفاجأت! و امتلأت عيناها بالدموع فرحاً..
عندما استيقظ الأب قبّل (هند) على رأسها قبلةً سريعة و مضى إلى عمله..
و لأول مرة منذ أن وُلدتْ أخذ يفكر ماذا سيجلب لها و هو عائد إلى المنزل.. لقد تخيل أنه يعطيها الشكولاته.. و أنها فرحة.. امتلأ قلبه بالنشوة عندما تحركت في مخيلته هذه الصورة..
أوقف سيارته ، نزل إلى البائع و جلب لها الشكولا و حلويات..
عاد إلى البيت في المساء.. فتحتْ زوجتُه الباب و هي في ثياب الخروج!
- ماذا دهاك؟! لماذا أنت خارجة في مثل هذا الوقت؟!
- أبي مريض ، نقلوه إلى المستشفى و أريد أن أراه.
- إذاً أوصلكِ؟
- لا ، ابقَ أنت عند (هند) و سيأتي أخي ليأخذني الآن.
- حسناً.
ذهبت أم (هند) و بقي هو مع (هند) وحدهما في المنزل، بدّل ملابسه و دخل إلى غرفة الجلوس..
كانت (هند) تجلس على الأرض و تلعب مع دميتها، رسمت ابتسامة مميزة كأنها تستدرّ عطفه.
- أتعرفين ماذا جلبتُ لك يا هند؟!
- ردّت بابتسامة.
- خذي هذه الحلويات، إنها ملونة و لذيذة..
احتضنتْ (هند) الشكلاطَ و كأنها أمسكت كنزاً ثميناً، كادت تطير بما تحمل في يديها. أشارت إليه أن يفتح لها واحدة، ففعل و ألقمها إياها بيده.. مصّت إصبعه و هو يضعها في فيها، فلأول مرة يضع لها شيئاً في فمها!!
ما هذا الشعور الرائع الذي حرم منه نفسه كل هذه الأيام؟
جلس و هو يشاهد التلفاز، و (هند) تلعب مع دميتها، بدأ يحس بالتعب، مدّ رجليه و حدّث نفسه: اليوم كان شاقاً جداً.. تلف نظره عن التلفاز و أخذ ينظر إلى هند و كأنه يراها لأول مرة..
التعب يزداد، صورة وجد تهتز في عينيه من شدة التعب، اصفرَّ وجهه!
إنه يشعر بالاختناق، حاول فتح النافذة إلا أن حركته كانت مشلولة، فكَّ زرَّ القميص قرب رقبته، وجهه بدا شاحباً جداً، العرق البارد يتصبب بغزارة، قلبه ينبض بسرعة ، أطرافه باردة ، حاول الوقوف يريد طلب المساعدة ، وقع على الأرض قبل أن تصل يده إلى الهاتف ، لم يعد يرى شيئا ً، حتى قدرته على الكلام أصبحت مشلولة ، الظلام يملأ رأسه!
عرف أنه الموت ، صار يحاول أن يذكر الله بلسانه علّه يغفر له لكن لسانه لم يستجب..
إنه يشعر بنفَسٍ قربه ، آه إنها (هند) إنها قربه!
زحفتْ (هند) نحوه.. يداها ترتجفان و عيناها تبكيان.. لا تعرف ماذا ستفعل؟!!
أخرجتْ السُّكرة من فيها فهي لا تملك غيرها!!
وضعتْها في فم أبيها ..و ضمَّتْ رأسه بكلتا يديها و هي تبكي و تلثمه من كل مكان في وجهه..
بدأ الإرتياح يظهر على وجهه.. عادت زوجته بعد زمن قليل فوجدتهُ ملقىً على الأرض، طلبت من فورها الطبيب.. أجرى له الفحوصات ، و قال له : لقد أُصِبْتَ بانخفاض حادّ في السكر ، و كدتَ تفقد حياتك ، و لكن هذه السّكرة هي التي أنقذتْك!!
أخذ يبكي كولدٍ صغير.. استغرب الطبيب و انسحب لا يدري لمَ كل هذا البكاء؟!
حملت الأم صغيرتها و مشت باتجاه غرفة نومها.. فناداها: أم هند!
لأول مرة يناديها أم هند!! استدارت نحوه مستفهمة ماذا يريد منها.
- أريد (هند).
- إنها نائمة.
- أريد أن أقبّلها.
- إنها نائمة ، قد جلبتها و هو 
- تعالي إليّ.
بكت أم هند.. ضمّها زوجها و هي حاملة ابنتها و قال لها: سامحيني أرجوكِ.. سامحيني.. سامحني يا الله! اغفر لي.. حمداً لك يا الله.. حمداً لك..
وضعتْ الأم إصبعها على فمها و أشارت إليه: اخفض صوتك... إنها نائمة!..
ربي اني وضعتها انثى وليس الذكر كالانثى... اهبطي فان معيل ابيك: وما كان الله ليخلف وعده رسوله...
حسن مراد
رئيس جمعية ضو