2015/12/11

حركة المحلات التجارية على الطريق الدولية بين لبنان وسوريا متوقفة

سوق خط البحر في عكار يشكو هجران الزبائن

يقف محمد طلال كسار متكئاً على باب محله، ممعناً النظر إلى كل سيارة مارّة على الطريق الدولي المقابل وكل بائع قهوة متجول، متمنياً لو أن هذه الحركة والضوضاء الكبيرة للسيارات على الطريق الدولي لبنان – سورية، تنقل عدواها إلى السوق والمحلات على جانبها فتدور محركات السوق التي ملّت فانطفأت وملت من الوقوف.
افتتح محمد طلال كسّار محله لبيع الألبسة والأحذية على خط البحر منذ ما يقرب الثلاثة أشهر على أمل التجارة والبيع وتوديع البطالة. لم يكن يدرك محمد وقتها أن هذا الخط التجاري لم يعد كما كان في السابق وأن الحركة هناك بلا بركة والعمل متوقف وغير متوقف.

لا بيع
تعاني المحلات التجارية على خط البحر في عكار باتجاه مفرق حمص من قلة البيع وتفتقر إلى زبائنها وروادها. يؤكد أصحاب المحلات أن الحركة سابقاً كانت أفضل من الآن بكثير غير أن الأمور تغيرت هذه الأيام وتحول الزبائن عنها إلى أماكن أخرى ومحلات أخرى خصوصاً مع غياب كل أشكال التنمية والتحسين عند هذه النقطة البحرية من عكار.

سوق جامد
المحلات على خط البحر أشبه بسوق كامل متكامل قائم بذاته، من وجود عشرات المحلات والبسطات والتي تبيع كل شيء من الملابس إلى المأكولات والمشروبات والخضار وكل ما يحتاجه الناس. وبالتالي فهي تشكل سوقاً حقيقية تؤمن للزبون العكاري كل ما يحتاجه إضافة إلى قرب السوق من دوار العبدة مسافة كيلومترين أو ثلاثة أو يزيد.
ومع ذلك يشتكي أصحاب المحلات من هجر الزبون العكاري لهذا السوق الحيوي باستثناء حركة خجولة من بعض اللاجئين السوريين خصوصاً المتوجهين منهم من لبنان إلى سورية عبر الحدود، يتوقفون عند هذا السوق لشراء بعض حاجياتهم، وحركة بعض اللبنانيين على محلات تصليح السيارات الموجودة في هذه المنطقة أيضاً بالقرب من السوق التجاري.

منطقة حيوية ولكن !
يقول محمد طلال الكسار (صاحب محل ألبسة) في السوق البحري في حديثه إلى "صدى البلد": "للأسف الحركة هنا جامدة لا بل ميّتة والحالة هكذا على الجميع وليست على محلي وحده. حركة اللبنانيين على هذا الخط خفيفة جداً إن لم أقل انها معدومة باستثناء حركة خجولة للاجئين السوريين وهي ليست كما يجب أيضاً. وأحياناً تفتح محلك من الصباح حتى المساء ولا تبيع قطعة واحدة، مع العلم أن هذه المنطقة حيوية للغاية".

حركة بلا بركة
ويمتد السوق التجاري البحري على مسافة بين 2 إلى 3 كيلومترات تقريباً مواجهاً للواجهة البحرية لعكار من ساحة العبدة حتى مفرق حمص. وفي الآونة الأخيرة ارتفعت أصوات أصحاب المحلات التجارية والمواد التموينية هناك، حتى أصحاب محلات تصليح السيارات وبيع الدواليب والأدوات الكهربائية، وصلت الصرخة إليهم أيضاً وارتفعت شكواهم من الركود الذي بدأ يصيب السوق والمنطقة بأكملها في مقتل. هذا الأمر في النهار فكيف في الليل؟
الحركة معدومة تماماً ليلاً على الخط البحري لعكار. فغياب الإنارة عن الخط البحري وغياب الدولة والبلديات عن الاهتمام بالشاطئ البحري المجاور للسوق على المقلب الآخر من الطريق يجعل الناس تخاف العبور ليلاً إلى هذه المنطقة فتتحول الى منطقة خالية تماماً من العابرين باستثناء بعض السيارات المارّة على الطريق الدولي بشكل عابر.

الأحداث السورية
قبل بداية الأحداث في سورية واندلاع المعارك هناك، كانت الحركة أفضل بكثير كما يؤكد أصحاب المحلات، "فحركة اللبنانيين كانت أفضل وكذلك السوريين، خصوصاً أن حركة دخول اللبنانيين الى سورية وخروجهم منها كانت أفضل من هذه الأيام بكثير، وكان كثيرون يتوقفون على هذا الخط الواقع على الطريق باتجاه الحدود السورية فيشترون العديد من البضائع والمستلزمات التي يحتاجونها". لكن الأحداث السورية أثرت على هذا الخط التجاري بشكل كبير فتراجع نشاطه بشكل دراماتيكي حتى أن العديد من المحلات الموجودة عليه "تفتح أبوابها لمجرد أن تفتح وأصحابها ينزلون الى محلاتهم للتسلية وتقطيع الوقت ليس إلا".
ويطالب أصحاب المحلات على الخط البحري "الدولة اللبنانية بإنعاش السنسول البحري لعكار وبثّ الحياة في الشاطئ العكاري عبر إنارته وتجميله وتحويله إلى شاطئ سياحي أسوة بباقي المناطق، والبلديات بالاهتمام بهذه الواجهة البحرية التي تعد من أهم البقاع العكارية جمالاً"، مؤكدين " أن تنشيط المنطقة البحرية في عكار سيؤدي حتماً إلى تنشيط حركة السوق البحري المقابل للشاطئ فتعود الحياة إليه من جديد".
بعض المحلات في السوق أصبحت بحاجة إلى ترميم وإصلاح، لكن أصحابها أو مالكيها أو مستأجريها يرفضون فكرة دفع أي مبالغ لأن ليس من المؤكد أن هذه المحلات "سوف ترد في ما بعد قيمة ما دفع عليها من إصلاحات وترميم". أما انتشار الأكشاك والبسطات والبيع الفوضوي على الطريق فهو مشكلة تضاف إلى كم المشاكل التي تجعل هذا السوق يقع تحت وطأة الركود والمعاناة .

على طريق المطار
وعلى الرغم من أن السوق البحري العكاري يقع على طريق مطار رينيه معوض – القليعات، إلا أن من سوء طالع السوق ومن فيه ان "المطار متوقف عن العمل منذ مدة طويلة ولا تلوح في الأفق أي بوادر بإمكان إعادة تشغيله من جديد، حيث أن من شأن إعادة تشغيل هذا المطار، يستحوذ حركة بشرية كبيرة إلى المنطقة التي ستؤثر إيجاباً على عودة الحياة إلى السوق البحري ومحلاته بمجملها".
السوق البحري العكاري صورة عن واقع مأساوي تعيشه عكار بغياب الخطط الحكومية الحقيقية التي تنعش هذه المحافظة وتخرجها من دائرة الحرمان إلى دائرة الضوء من جديد كمنطقة ذات موارد هامة يمكنها أن تعزز خزينة الدولة وتؤمن فرص العمل لآلاف الشباب الباحث عن فرص ضائعة.