2016/01/13

١٤آذار برأس واحد لم تمشي فكيف برأسين ؟



14 آذار برأس واحد لم تمشِ فكيف برأسين!

اندريه قصاص 

منذ اللحظة الأولى لإقتناع رئيس تيار "المستقبل" الرئيس سعد الحريري بترشيح رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وهذا يعني التخلي عن فكرة ترشيح رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع عن قوى 14 آذار، في مواجهة ترشّح رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون مرشحاً وحيداً عن قوى 8 آذار، انفخت دفّ "العشاق" وتفرّقوا، وأصبحت 14 آذار برأسين: واحد غير مقيم في الوطن ويتنقل بين باريس والرياض، والثاني مرابط في معراب.

الأول طرح فكرة ترشيح فرنجية، وهو من غير خطّه السياسي، وفي ذلك خروج عن مبادئ 14 آذار، على رغم أن البعض يرى في هذه الخطوة طرحاً متقدماً يتخطى الإصطفافات السياسية، التي لم توصل أحداً إلى قصر بعبدا منذ أن حلّ الشغور مكان الرئيس الثالث عشر للجمهورية. إلاّ أن هذه الخطوة لم تزعج فقط "القوات اللبنانية"، بل وضعت مكوناً اساسياً من مكونات 8 آذار، أي "حزب الله" في وضع محرج، نظراً إلى قرب فرنجية من الحزب من جهة، ونظراً إلى الارتباط المعنوي بين "حزب الله" والعماد عون من جهة أخرى.

أما الثاني، أي الدكتور جعجع، فردّ على "التحية" بمثلها وشهر في وجه الحريري سيفاً قاطعاً ملوحاً به ومهدّداً بالذهاب إلى أقصى الخيارات التي تزعج رئيس "التيار الأزرق" كثيراً، وذلك بلعب ورقة العماد عون، ترشيحاً وتأييداً. وبذلك يكون كل من الركنين الأساسيين في 14 آذار قد رشّحا قطبين أساسيين في 8 آذار، وهي لعبة يصفها البعض بـ"الرولات الروسية".

وبذلك أصبح لـ 14 آذار رأسان. هذا إذا سلمّنا جدلاً أنها لا تزال قائمة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى 8 آذار. وربما قد يكون هذا الواقع هو الأفضل لتسيير شؤون البلاد والعباد، وللتفكير جدياً في اختيار مرشح توفيقي خارج هذه الاصطفافات، خصوصاً أن البطريرك الراعي كان واضحاً عندما حمّل مسؤولية عدم التوصل إلى تفاهم على رئيس للجمهورية لكل من 14 و8 آذار.

وربّ قائل أن لا للعماد عون ولا للنائب فرنجية حظوظاً في الوصول إلى بعبدا، لأنهما ومن وراءهما لا يملكان القدرة العددية التي تمكّنهما من الفوز، سواء عبر تأمين نصاب الثلثين لأنعقاد جلسة الإنتخاب، أو عبر النصف زائد واحد، لأن الذين ينكبّون هذه الأيام على إجراء "بونتاجات" يصطدمون بأن كلا المرشحين متقاربان بالأصوات، سواء مشى نواب "اللقاء الديمقراطي" ونواب حزب "الكتائب" مع هذا أو مع ذاك، ولأن اللعبة الديمقراطية الحقّة فقدت معناها منذ انفراط عقد الجلسة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية ولم ينل أي من المرشحين نصف أصوات النواب زائد واحد، وكانت بداية مسرحية اُطلق عليها تسمية "التعطيل".

ولأن لا إرادة خارجية لإجراء انتخابات رئاسية، ولأن الداخل مرتبط بالخارج فلا رئيس للجمهورية، لا في القريب المنظور ولا في القريبن المتوسط والبعيد... ويبقى التشرذم داخل 14 و8 آذار سيد المواقف.