2016/05/26

طالب فلسطيني نازح من مخيم اليرموك ...السفارة الفلسطنية في لبنان لم تساعده وصندوق النازحين ايضا


طالب فلسطيني نازح من مخيم اليرموك ...السفارة الفلسطنية في لبنان لم تساعده وصندوق النازحين ايضا 


"أحمد وليد مصطفى" من جامعة LIU (مرتبة في علوم االكمبيوتر)

عنما يعبث القدر بحياة كل فرد يعيش على هذه الارض، قد نقول قدر الله ما شاء فعل. 
ولكن هل للقدر علاقة بالمسؤولين الذين لديهم مفاتيح قيادة الناس كما يريدون ؟ 
ماذا بأستطاعة اولئك أن يقولوا حين يعبث الكبار بأقدارهم؟ قدر المسؤولين ما شاؤوا فعلوا ؟ 

أحمد الحاصل على المرتبة الاولى على الجامعة في لبنان في اختصاص علوم الكبيوتر كمعدل كامل رغم كل الصعوبات التي يمر بها الشعب الفلسطيني في لبنان، و خاصة الفلسطينيين القادمين من سوريا، الا أن الإصرار على الهدف قد يمحق الظروف، فالظروف الصعبة التي يعاني منها الكثير من الفلسطينيين هو سبب رئيسي في احباط المسير نحو النجاح و التقدم، لكن اللافت في هذا الأمر أن ثمة من كسر هذه الظروف ليقدم رسالة فيها أن الظروف الصعبة هي التي تصنع التقدم نحو بناء الامل.  

نحيف، يملك هدوء في نفسه و تجد الثقة لا تفارقه إن تحدثتَ معه، هو اجتماعيّ بما في الكفاية ليحدثك عن كل ما تريد. نزح من مخيم اليرموك الى درعا ثم انتقل عائدا الى الشام ومن الشام قرر المجيء الى لبنان حيث حطت قدمه لأول مرة في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان وانتهت مسيرته التنقلية هذه الى مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان. أحمد وليد مصطفى 22 عاماً فلسطيني قادم من سوريا يقيم حاليا في مخيم نهر البارد، يدرس في جامعة LIU كلية العلوم اختصاص علوم الكمبيوتر فرع عكّار حيث أن اخيار الجامعة التي يدرس بها كان حسب المنحة الاولى التي استفاد منها من جمعية ليزر.

عندما درس البكالوريا في سوريا، حصل على معدل يأهله ليتخصص في مجال " الهندسة المعلوماتية في جامعة دمشق، فدخل الى جامعة دمشق في بدايات السنة الدراسية لكن سرعان ما توترت الاوضاع الأمنية في مخيم اليرموك، فأضطر هو وعائلته الخروج من المخيم الا أن شيئاً ما حصل و هو أستشهاد والده اثناء الاشتباكات و القصف الحاصل، فكان خروجهم من مخيم اليرموك ضروري حيث توجهوا الى مدينة درعا ليسكن عند اخته التي تقيم هناك في منطقة داخل المدينة كانت آمنة بعض الشيء. 

أن التعقيدات في تنقله ما بين درعا و دمشق من خطورة الطريق كانت تعرقله حيث أن الوضع الأمني الراهن لم يكن لصالحه التنقل من درعا الى جامعة دمشق، فلم يكن بأستطاعته فعل شيء سوى أن يقدم مادتين فقط. ولكن مع توتر سلسلة ما يحصل من اوضاع امنية ايضا في سوريا، الا أن عدوى انتشار القصف و السلاح استهدفت المنطقة الآمنة التي كان يقطنها، وهناك استشهدت اخته اثناء القصف العشوائي في مدينة درعا! و هربا من فعل الحرب اضطر الانتقال من درعا الى الشام حيث تسكن خالته هناك، بقي في الشام لمدة اسبوعين الى أن قرر أخيرا الخروج من سوريا متوجها الى لبنان في شهر نيسان العام 2013 حيث كانت اول محطة له في بيت خاله الذي يقيم في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان، بقيّ هناك حتى بداية السنة الدراسية أي شهر 10/2013-2014 حيث بقي كل هذا الوقت يبحث عن عمل و يحاول جاهدا في تقديم طلبات للدراسة في الجامعات اللبنانية أو جامعات الدول الأخرى، إلا أن هذا الوقت بكامله ذهب هدرا دون دراسة أو حتى عمل.
 
وفي خضمّ محاولاته في البحث عن مقاعد في الجامعات. حصل على مقعدا في جامعة " سيدي ابو العبّاس " في الجزائر في مجال الطبّ، و في ذات الوقت كان قد قدّم على منحة دراسية من جمعيّة " المركز اللبناني لدعم البحث العلمي" تدعى "ليزر" و هي "منظمة غير حكومية اسسها مجموعة من اساتذة الجامعات و هي تعمل على دعم الباحثين في لبنان من خلال مجموعة من البرامج مثل المنح الدراسية و برامج التبادل و المؤتمرات، و الندوات العلميّة وهي بالتالي الجسر الذي يربط الطلاب والمؤسسات التعليمية للمانحين الذين يسعون الى استثمار الشباب والتعليم" ( التعريف من الموقع الرسمي لجمعية ليزر "ومركزها في مدينة طرابلس " شارع عزمي "، حيث وقع بين خيارين الا أن حبه للكمبيوتر جعله يفكر مليّا في وضع عائلته و خاصة في أمه، فقرر البقاء مع أمه في لبنان حيث لغى فكرة دراسته في الجزائر ليستقر بين عائلته. 

يقول أحمد أن جمعية "ليزر" سحبت يدها عني دون أي سبب رغم أنني حاولت أن أعرف ما سبب تخلي الجمعية عني الا أن هناك خطبا ما، رغم أن معدلي الدراسي كان بنسبة "ممتاز" و الى الآن لم أعرف ما هي الأسباب التي تراجعت لأجلها جمعية ليزر بممنحتها. ويتابع قوله متأسفاً " لأنني كنت قد مشيت مشوارا طويلا في مجال الدراسة الا أنني لم أعد بأستطاعتي التراجع الى الوراء، فأستمريت لأنني قد أضعت من عمري سنه دراسية كاملة و لم أعد احتمل أن اضيّع على نفسي أكثر" 

هنا بدأ أحمد يعاني من مأزق ماديّ صعب فتابع مع محاولته التي جعلته يتوجه الى كل طرف قد يدعم طلاب الدراسة، حيث توجه الى السفارة الفلسطينية والمؤسسات والجمعيات ولم يترك طرفا الا و ارسل له طلبا يتقدم به لمساعدته لأكمال دراسته، إلا أن ذلك لم يجدي نفعاً. 
حتى عادت جمعية ليزر لتعلن عن 500 منحة دراسية و ذلك في صيف 2015 ليستفيد من هذه المنح طلاب سوريين الأصل وفلسطينيين قادمين من سوريا. 

يقول أحمد "أن حسب الشروط التي وضعت ليستفيد الطالب من هذه المنحة قد طمأنت نفسي و واسيت ثقتي بأنني سأحصل على المنحة لأدفع ما يتوجب عليّ للجامعة. و حتما سيقبلونني حيث أن معدلاتي الدراسية عالية جداً و 
هذا لصالحي"

ولكن عندما صدرت النتائج بأسماء المستفيدين بمنحة جميعة ليزر، تفاجأ ان اسمه ليس من بين ال 500 اسم الموضوعين في لائحة النتائج، لم يقبلوه، الا أنه لم يتوقف عن مسائلتهم عن سبب رفضهم لطلبه رغم أن شروط التقديم كانت لصالحه، فوعدوه أن بأن يتصلوا به ان حصلت اي مستجدات حول الموضوع، 
و بعد أن اختاروا اسماء المستفيدين من هذه المنحة كانت قد اعلنت جمعية ليزر بدفع مبلغ و قيمته 500$ للذين لم يحالفهم الحظ في التقديم للمنحة. 
حتى عادت جمعية ليزر لتعلن عبر صفحتها الخاصة في الفيسبوك بعد فترة موجهة رسالة الى الذين رُفضت منحتهم الدراسية، أن يقدم لمنحة جزئية، قدم طلب المنحة فوافقت عليه جمعية ليزر حيث قدمت له في الفصل الأول 500 الف ليرو لبنانية و في الفصل الثاني كذلك الأمر. 

توجه للسفارة الفلسطينية بعد أن حاول مع كل المؤسسات والجمعيات والاطراف، لتقديم طلب منحة دراسية، رفضوا طلبه لأنه فلسطيني من سوريا حسب قوله ولا يحق له بالاستفادة من صندوق الرئيس أبو مازن لأن هذا الصندوق خُصص فقط لفلسطينيي لبنان، وعندما ذهب الى جهة أخرى قالوا له أن هذه المنح فقط للسوريين!!

يقول متأسفا متسائلا " اذا من نحنُ، هل لم نعد فلسطينيين لتعترف بنا السفارة أو سوريين لتراعينا المؤسسات ؟ 
رغم الوضع الذي تعايش معه أحمد الا أن رسالة ما وجهها الى المسؤولين عن الشعب الفلسطيني من الفصائل و السفارة الفلسطينية في لبنان كان اختصارها "نحن نقيم في لبنان ليس لنشحد منكم شيء، لأننا كفلسطينيين هذا حق لنا أن نتعلم وأن نشعر قليلا بعدم التمييز ما بين فلسطيني و سوري و لبنان، و السفارة كونها المسؤولة عن الفلسطينيين في الشتات فحقّ عليها ان تقوم بكل ما يتوجب تجاه اللاجئين الفلسطيين بشكل عام.

و مع ذلك لم يتوقف دوام أحمد عن الجامعة الى الآن، فهو يذهب للجامعة دون أي غياب أو توقف ولا يزال حتى الآن يمارس يومه الدراسي بالشكل الطبيعي، مع أنه مرّت سنة دراسية كاملة و لم يدفع القسط السنويّ المطلوب للجامعة كاملا، مع كل هذه العوامل الصعبة التي احاطت به من كل جوانب صعوبة الحياة الا أنه ما زال  الى الآن يمارس حياته التعليمية كما يجب، و لكن في قانون الجامعات الخاصة لا يمكنه استلام الشهادة التي هي النافذة للخروج الى عالم أخر الا بعد أن يدفع ما يتوجب عليه من أقساط متراكمة.

الى متى ؟ هل الى أن يشاء المسؤولين عن كفّ العبث بأقدار الشعوب ؟ 

ناصر قمر