2016/09/05

ميقاتي : لا بديل عن توافق اللبنانيين ومعالجة الأزمات

ميقاتي: لا بديل عن توافق اللبنانيين لمعالجة الأزمات


قال الرئيس نجيب ميقاتي "إن مبادرات الحلول العربية والخارجية المطروحة، على أهميتها، لن تكون بديلا عن التوافق بيننا نحن اللبنانيين، فلا خيار الارتهان والتبعية للخارج مفيد، ولا نهج العناد والمكابرة في الداخل مجدٍ، ولا بديل عن قيام تعاون حقيقي أساسه الثقة، لادارة شؤون الوطن ومعالجة الأزمات التي يتخبط بها".

وفي خلال رعايته حفل التخرج الذي أقامته جامعة بيروت العربية لطلاب فرعها في طرابلس قال:" لست في هذا المقام لأتحدث عن السياسية اللبنانية وتفاصيلها، لكن من الصعب تجاوز ما صدر من قرار اتهامي بتفجير مسجدي التقوى والسلام في قلب مدينتي طرابلس. ونحن، كما كنّا دائماً، لا نتدخل في عمل القضاء لكننا نعول عليه لاحقاق الحق ومحاسبة كل الضالعين في الجريمة، فعشرات الشهداء ومئات الجرحى أمانة في اعناقنا ومن واجب السلطة القضائية ومسؤوليتها الوطنية والاخلاقية كشف المرتكبين ومحاكمتهم لأنهم من أسوأ الناس، لأي فئة انتموا، لانهم استهدفوا المؤمنين في بيوت الله الآمنة. طرابلس حمت كل لبنان من الفتنة يوم التفجير وعلى القضاء أن ينصفها وينصف شهداءها".

وتوجه الى الطلاب بالقول: "تعلمون جميعا أننا من دعاة الوسطية والإعتدال، وأن الخطاب المعتدل ليس جذابًا وبراقًا ومثيرًا كخطاب الإصطفاف والتحريض وتحريك الغرائز. نحن نعلم ان مهمتنا شاقة، ولكن معكم ومع امثالكم من اصحاب الكفاءة والتنور تهون الصعوبات وننجح".

وأضاف: "اليوم هو حكماً من أكثر أيامكم سعادة. هو اليوم الذي كنتم اليه تشخصون، حيث يتحول كل واحد منكم، الى شخصية ناضجة وعاملة وحاضرة لتحمل المسؤوليات العملية والعائلية والوطنية. اليوم هو يوم أحلامكم الكبيرة، وهي حق لكم ، فلا تتواضعوا بأحلامكم لكن لتكن أهدافكم عملية وقابلة للتنفيذ. حددوا أهدافكم بعقولكم وسيروا اليها بثقة واستفتوا قلوبكم وإستمعوا الى أصوات ضمائركم التي تذكركم دائماً بواجباتكم امام الخالق والخلق. أليس سيد الخلق من قال خيركم خيركم لأهله؟ كونوا مع الالتزام الصادق والعميق بالقيم الدينية والانسانية، لأن هذا هو مكانكم الطبيعي والسليم. ثقوا بأن الديمقراطية والمذهبية ضدان، كما الحرية والعنف ضدان، وكذلك المعرفة والتخلف ضدان. لبنانكم الواحد لا يكون الا لجميع أبنائه من خلال شراكة حقيقية في الحقوق، كما في الواجبات، في المواطنية، كما في الانتماء فاعملوا كي يبقى كذلك".

الصواب في المبادرة وليس في المغادرة

وقال: "كلّنا يُخطئ وجلّ من لا يُخطئ، لكن الصواب في المبادرة لا في المغادرة... لا تهاجروا عند أول عائق... تجاوزوا اليأس بطموحكم وتعلّقوا بجذوركم فلا يسهل اقتلاعكم.أنتم خميرة هذا الوطن وثروته الحقيقية .كفانا هروباً للطاقات والمواهب بدون حساب، الهجرة مباركة شرط ألا تصبح الملاذ الوحيد، وكفانا تصديراً جماعياً لشبابنا وشاباتنا. مغتربونا وكلّ من قصد المهجر هم اليوم فخر وسند لاقتصاد لبنان، لكنّ نسبة هجرة الطاقات الشابة هي عاليّة جداً وواجبكم، كما هو واجبنا، أن نحدّ منها بدون أن نلغيها لأنها نعمةُ في اعتدالها، ونقمةٌ في تكاثرها. تعلّقوا بأرضكم؛ إبنوا دولتكم؛ امنحوا لبنانكم المناعة وتذكروا القول الشهير: لا تسألوا أنفسكم ماذا يمنحني لبنان؟ بل قولوا لأنفسكم: واجبي أن أمنحه كي يّعيد لي عطائي أضعاف الأضعاف."

وقال: "لقد ضقنا ذرعًا بالحروب العبثية التي لم تتوقف في ما بيننا والتي أدت في ما أدت اليه الى إشاحة النظر عن القضايا الرئيسة واولها وأهمها اغتصاب فلسطين، في الوقت الذي نعيش نحن الحروب المدمرة وزهق الأرواح البريئة وتدمير مقومات الإقتصاد العربي في كل مكان، من المحيط الى الخليج. لقد نال هذا الجيل، كما الأجيال التي سبقت، كفايتها من الحروب، ولكي تتوقف هذه الحروب علينا أن نؤمن للضعيف والمستضعف شعوراً بالأمان، بعدما تعرضت الأغلبية المطلقة من الناس في منطقتنا للظلم والإضطهاد والكراهية. ولا يمكن للحروب ان تتوقف الا حين يكون القوي عادلاً والضعيف آمناً، وهذا ليس بالأمر اليسير لكنه ليس مستحيلاً".

وأضاف: "لتكن رسالتنا الى بعضنا البعض أولا، والى الآخرين ثانيا، ألا نستسلم أو نقبل بالأمر الواقع القاتم الماثل امامنا على امتداد العالم العربي. فعلى رغم الصورة الضبابية، يلوح أمل في الأفق. لننتصر على ذواتنا ونجعل من قلقنا على الغد حافزا ينفخ فينا روح العزم والتصميم لنشجع بعضنا بعضا على فتح قلوبنا وأفكارنا ونوحدها، لأن في الاتحاد قوة، بما يمكننا من تحقيق نتائج كثيرة تتجاوز ما يمكن أن نحققه منفردين. نصيحتي لكُم أخيرا لا تخافوا المستقبلَ فما المستقبلُ الا عملكم اليوم، وعمل اليوم يجب ان يكون دائما رضى الله ورضى الوالدين".

وتوجه بالتحية الى جامعة بيروت العربية وادارتها، واستذكر المحطات الاساسية في تاريخها منذ انشائها عام 19جمال عبد الناصر لها مرورا بانشاء فرع طرابلس حين وضع عام 2005 حجر الاساس له وصولا الى العام 2014 حين حين افتتح مبنى العزم في فرع الجامعة في طرابلس.

وقال للطلاب "وأنتم تخرجون الى الحياة العامة، إفتخروا بما حصلّتم، لا تديروا ظهوركم الى جامعتكم التي تعتز بكم وتحتاج اليكم. فهذا الصرح الكبير الذي خرّج الالاف قبلكم، وسيخرّج الآلاف بعدكم، ليس فقط جامعة تدرّس شبانا وشابات وتؤهلهم للعمل، إنها منارة علم وحضارة، ومعلم للحياة، بها نفاخر ومن أجل قوتها وتقدمها نعمل لكي تستمر في حمل راية التجدد والتجديد وتبقى تساهم في نهضة بلدنا والشرق العربي عموما".

وقائع الحفل

وكان الرئيس ميقاتي رعى حفل التخرج الذي اقامته جامعة بيروت العربية لطلاب فرعها في طرابلس والذي حمل" دفعة عصام حوري" وحضره مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار، وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، النواب: محمد كبارة، سمير الجسر، أحمد فتفت، أحمد الصفدي ممثلاً النائب محمد الصفدي، المعاون البطريركي الجديد للموارنة المطران جوزيف نفاع، مستشار الرئيس ميقاتي خلدون الشريف، وفاعليات نقابية وأكاديمي وروحية واجتماعية وذووالطلاب المتخرجين.

وقد ألقى رئيس الجامعة الدكتور عمرو جلال العدوي كلمة قال فيها" إن فرع الشمال ترجم منذ إنشائه وحتى اليوم، هو قصة نجاح متميزة، عنوانها التحدي والإصرار، على التلاقي والاندماج المجتمعي مع هذه البقعة العزيزة، العابقة بالقامات الواعية، والشخصيات المثقفة، والمجتمع المدني المحب والمشارك في صياغة مشهد ثقافي أكثر من رائع ".وشدد على أن الرئيس ميقاتي كان من اوائل الداعمين لانشاء الجامعة في طرابلس ومواكبة مسيرتها الاكاديمية".

وفي ختام الحفل قدم رئيس الجامعة للرئيس ميقاتي درع تقدير.

(لبنان 24)