2017/06/22

حوار خاص لمدير مكتب الشبكة العربية في القاهرة مع الاديبة التونسية فاتن كشو : النقد لم يرضى طموحي رغم الاحتفاء ب...

الأديبة العربية التونسية فاتن كشو 
الشعر صدى لذاتى  والروايةمناخ كامل يشكل ذاتى
 
مقولة زمن الرواية ربما يؤكد على غلبة الشعر

حتى الان النقد لم يرضى طموحى رغم الاحتفاء باعمالى السردية 

حاورها مدير مكتب الشبكة العربية في القاهرة 
سيد يونس 

فاتن كاشو مبدعة تونسية لها حضورها الابداعى كروائية وشاعرة ترى المبدع انه لابد الا ينفصل بكتاباتة عن واقعه بالإبداع فعل انسانى رفيع 
هى كاتبة لها حضورها فى المحافل الدولية وهى خير ممثل لبلادها تونس صدر لها رواية  صوت الحب ، زمن الكلام الاخير، مجموعة قصصية رفاق الشمس ، ديوان منذ عدت من وهمى ولها تحت الطبع رواية التفاح المر 
التقيتها بالمملكة المغربية زميلة مشاركة فى مهرجان تيفلت الدولى 
فكان هذا الحوار للشبكة العربية اللبنانية 

أنت تمارسين كتابة الرواية والشعر فأيهما ترين فيه نفسك ؟ 

الجواب : هو بالفعل سؤال محير ومربك وقد يشكل لي رجة حقيقية: هل أرى ذاتي بالشعر أم بالرواية ؟ وإن رأى  الناقد الروسي ميخائيل باختين أن الشعر هو حديث عن الذات بينما الرواية هي حديث عن الجماعة فإني في أحيان كثيرة أشعر أن الشعر يعبر عن حالتي النفسية واهتماماتي وهمومي الخاصة في حين أن الرواية هي عالم كامل يحضر فيه المجتمع  بكل عناصره بقوة وقضايا الواقع الراهن وهم الشخوص وتفاعلهم مع بعضهم بعض ومع واقعهم، غير أن هذا التحليل يبدو على غاية من البساطة فالنص الشعري الذي نكتبه يمكن أن يحيلنا إلى قضايا المجتمع وهمومه حتى لما ننطلق من أشد الأمور خصوصية وذاتية  كالحب والموت والألم والولادة...وبخصوص النص الروائي فهو أيضا لا يخلو من تعبير عن ذاتنا حين نصبغ على الشخصيات شيئا منها.وحتى أجيب جوابا قصيرا يلخص كل ما ذكرت أقول الشعر أجد فيه صدى لذاتي بينما الرواية مناخ كامل تتشكل فيه ذاتي بكل أبعادها .

)ما رأيك في ما يقال أن هذا زمن الرواية ؟ 
يظن الجميع أن هذا الزمن هو زمن الرواية بامتياز وهي  إفادة أطلقها الكاتب جابر عصفور بالثمانينات وكانت بسياق معين وقد تتفوق الرواية في المبيعات والتسويق عن الأجناس الأخرى كالقصة والشعر،لكن المتأمل في المجتمعات العربية وحتى الأجنبية أيضا يلاحظ أن الشعر أقرب للوجدان وأكثر حضورا اجتماعيا من حيث عدد الملتقيات والتظاهرات الشعرية ومن حيث كثرة تواجد الشعراء وظهورهم في المحافل وفي الإعلام ومن حيث كثرة الاحتفاء بالشعر مما يحيلنا إلى سؤال خطير: هل نقول أن هذا الزمن هو زمن الرواية حتى نبرر غلبة الشعر عليها واقعيا ؟ وقد نجد لذلك مبررا منطقيا وهو أن الشعر بالعادة يقال ولا يقرأ من قبل القارئ عكس الرواية التي يتلقاها القارئ بصفة ذاتية شخصية عن طريق قراءته لها الفردية مما يجعلها حتى لو تفوقت في المبيعات مقتصرة على الفئة المثقفة والمهتمة بالرواية .

)كيف ترين النقد في أعمالك ؟ 
قد يحمل هذا السؤال في طياته جوابا عن السؤال الثاني فرغم أني كتبت روايتين ومجموعة قصصية ومجموعة شعرية إلا أن النقاد تناولوا روايتي الأولى " صوت الحب " وروايتي الثانية "زمن الكلام الأخير " بالنقد والاهتمام والتقديم واهتم البعض منهم بمجموعتي القصصية ليبرزوا انتقالي إلى صنف آخر هو الأقصوصة وهو انتقال بدا لهم غير غريب فالجنسان يشتركان في كونهما ينتميان  لعالم السرد .
وأما المجموعة الشعرية التي صدرت لي حديثا فلم تحظ بغير انطباعات نقدية شفاهية .وعموما أعتقد أن النقد لأعمالي ما زال  رغم أهميته لم يرق بعد لمستوى تطلعاتي خاصة على المستوى العربي .

)هل المحلية تؤدي إلى العالمية ؟ 
المنطق يفرض أن المحلية تقود للعالمية وقد قيل أن الأدب الحق هو ابن بيئته والكاتب الذي ينجح في استقطاب الاهتمام في بلده ومن خلال ما يكتبه عن بيئته المحلية هو كاتب ناجح إلى حد ما وربما نجاحه يكمن في  الحظوة التي يلقاها باستثناء الحالات التي يكون فيها الاهتمام به نتيجة حملة إعلامية موجهة  أو لاعتبارات سياسية أو حزبية . إلى هنا تبدو الأمور منطقية ومعقولة لكن ما يبدو خارجا عن المنطق هو النجاح بالخارج والذي يشع على الداخل وهو أن ينجح الكاتب عربيا أو محليا من خلال نيله لجائزة أو من خلال ما يلقاه من حظوة ثقافية ببلد آخر عربي كان  أو أجنبي فيضاعف ذلك من شهرته ببلده  ومنها يزداد بريقه عربيا وعالميا .
6) لوحظ أن العديد من كتاب المغرب العربي يكتبون بلغة أجنبية هل الهدف الوصول إلى المتلقي الأجنبي من أجل العالمية ؟ 
الكتابة بلغة أجنبية ليست بجديدة بالمغرب العربي وخاصة الفرنسية وأشهر من كتب باللغة الفرنسية بالمغرب العربي هم:  الجزائري مولد فرعون وروايته le fils de pauvre  ( نجل الفقير) والمغربي ادريس الشرايبي والتونسيين يوسف رزوقة والهادي قدور وغيرهم كثير وقد يبدو للوهلة الأولى حين النظر لعملية الكتابة بالفرنسية أو بلغة أجنبية  أخرى  أنها تتم بغرض الوصول للعالمية لكن الأمر مختلف بالحقيقة أو نسبي فقد قال ابن خلدون أن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب يعني ربما هناك بالأمر بعض الاقتداء والاتباع أو الاستئناس وبالنظر إلى طبيعة المجتمع المغاربي (اشتقاق اصطلح عليه من المغرب العربي للتفريق بينه وبين  مغربي من المغرب الأقصى ) خاصة  تونس والجزائر والمغرب الأقصى نجد أن اللغة الفرنسية حاضرة بقوة وجلاء وهناك شريحة كبيرة من فئة القراء لا تقرأ بالعربية وقد طلب مني الكثيرون أن أكتب بالفرنسية حتى يتسنى لهم قراءة ما أكتب من شعر ونثر وهي شريحة متمثلة خاصة في خريجي العلوم ورغم ذلك يرى بعض النقاد أن الكتابة بلغة أجنبية  هي كتابة لقيطة -لسوء الحظ –لأنها بلاهوية فلاهي تونسية مثلا ولا فرنسية ويمكن أن ننسبها لإحدى البلدين فينظر لمضمونها ويتغافل عن ذكر هويتها ورغم أن كاتبها بالغلب لم يتخل عن هويته ولا عن عروبته باتخاذ لغة أجنبية كوسيلة لإيصال مضامينه وطبعا فحلم العالمية هو أقرب إليه من سواه الذي يكتب بالعربية على اعتبار جسر اللغة .
) ألا ترين معي أن الرواية التونسية تحتل مكانة متقدمة عن الشعر ؟ 
ربما يكون ذلك صحيحا إذا نظرنا إلى حجم مبيعات الروايات التونسية والعدد الهائل من الروائيين الرائدين والمعاصرين وأن الرواية بتونس بدأت مبكرا عن نظيرتها بتونس والجزائر (أواخر القرن 19مطلع القرن  20) ومن روادها محمد العروسي المطوي وعلي الدوعاجي ومحمود المسعدي والميداني بن صالح وأن الرواية التونسية حققت نجاحات كثيرة  وجوائز على مستوى عربي وعالمي (البوكر مثلا)وأن من بين أفضل مائة رواية عربية توجد 10 ورايات تونسية تحتل مراتب متقدمة وهي : رواية حدث أبو هريرة قال للأديب محمود المسعدي ورواية ليلة السنوات العشر للروائي محمد صالح الجابري ورواية تماس لعروسية النالوتي ورواية دار الباشا لحسن نصر و رواية عائشة للبشير بن سلامة ورواية الدقلة في عراجينها  للبشير خريف ورواية النخاس لصلاح الدين بوجاه ورواية نصيبي من الأفق لعبدالقادر بن الشيخ ورواية المؤامرة لفرج الحوار والتوت المر لمحمد العروسي المطوي لكن كل هذا لا ينسينا المكانة الهامة التي يحتلها الشعر التونسي عربيا وعالميا ويكفي أن نتذكر أن تونس قدمت للعالم شاعرا كالشابي بلغت شهرته أصقاع العالم وبيته الشهير من قصيده إرادة حياة وهو  مكتوب على صور الصين العظيم:
إذا الشعب يوما أراد الحياة ..فلابد أن يستجيب القدر 
8)هل هناك أزمة نشر في تونس ؟
هذا السؤال بقدر ما هو استفسار إلا أنه يحمل إجابته ضمنيا فبمجرد ذكر كلمة أزمة فقد أعلنا عن وجودها على اعتبار أن السؤال لا يبنى على فراغ .فعلا النشر في تونس يعاني أزمة كبيرة تتجلى خاصة في غياب النشر المنظم وأيضا الاعتماد على المؤلف في التكفل بمصاريف النشر هذا مع تمتع الناشر بالدعم المتأتي من وزارة الثقافة للورق أولا(نسبة 80 بالمائة)ثم للرواية ثانيا بعد صدورها (تقتني عددا من الكتب كافيا إذا استحسنته دار الآداب  لتغطية نصف مصاريف النشر أو أكثر) ويكون حينها الخاسر الوحيد هو المؤلف الذي يقدم جهد السنوات للناشر كي يستثمر منه ويربح أما هو-المؤلف-فربحه الوحيد هو أن يرى وليده الأدبي يرى النور حتى لو كلفه ذلك بضعة آلاف من الدنانير إذا تحمل المصاريف على عاتقه (أكثر من ألفي دينار وقرابة ألف دولار