2017/07/06

ربيع مينا :.. نواة المجتمع العربي مهددة بالخطر ...

نواة المجتمع العربي مهددة بالخطر ..
 بقلم ربيع مينا
======================
تعتبر الأسرة إحدى أهم المؤسسات الإجتماعية في المجتمع والخلية الأساسية فيه. وتحتل الأسرة المرتبة الأولى في أهميتها في جميع الثقافات مهما اختلفت ولا سيما العربية. ومع زيادة المخاطر في جميع المجتمعات زاد خطر تعرض منظومة الأسرة للإنهيار والدمار وبالتالي تعطلها عن أداء دورها ووظائفها في المجتمع، وهذا يعني انهيار حتمي في بنى المجتمعات. وأهم تلك المخاطر تتجلّى في الحروب والنزاعات المسلحة، التي أدت إلى تمزق النسيج الإجتماعي وتفكك الأسرة في بلاد مختلفة. فمنذ نشوء الأرض والحياة البشرية، لم تفارقها تلك الحروب والصراعات المسلحة نتيجة خلافات متعددة قد تكون خلافات دينية أو مالية، عرقية أو سياسية، وبشكل حتمي ستؤدي تلك الخلافات إلى تصادم الناس ونشوب الحروب.
إن أفراد الأسرة بالدرجة الأولى هم من يعانون أثناء الحروب من أوضاع إقتصادية، صحية، وإجتماعية صعبة أو قد تكون حرجة، تفرض عليهم أعباء لا يمكنهم تحملها في ظل الحرب، وأيضاً قد تفرض على الدول المستضيفة أعباء غير متوقعة. وأكثر الشرائح المتضررة هم الأطفال والنساء. حيث أن الحرب تزعزع الإستقرار وديناميكية العلاقة بين أفراد الأسرة، وقد تؤدي إلى غياب الرجل بسبب الأسر أو القتل، وبالتالي تقع كامل المسؤولية على عاتق المرأة التي تصبح المعيل الوحيد لأسرتها، وتحملها ضغوطاً نفسية. كل ذلك يؤدي إلى تفكك الأسرة، ويؤثر سلباً على النمو النفسي للأطفال.
ودون أدنى شك، تفكك الأسرة من شأنه أن يؤدي إلى إنهيار في صفوف المجتمع بسبب الحرب. فأحد أهم أسباب ارتفاع نسبة البطالة هي الحروب والصراعات المسلحة، حيث تقدر نسبة البطالة في الوطن العربي ما يقارب 124 مليون نسمة، حسب تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي. وتتفاوت نسبة البطالة في البلدان العربية، حيث أنها بلغت في مصر ما يعادل 3,59 مليون نسمة حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وفي تونس وصلت إلى ما يقارب 15,2% حسب تصريح المدير العام للمعهد الوطني للإحصاء في تونس، أما نسبة البطالة في الأردن فوصلت إلى ما يقارب 15,8% حسب تقرير دائرة الإحصاءات العامة في الأردن، وفي فلسطين فبلغت نسبة البطالة ما يعادل 26.6% حسب الإحصاء الفلسطيني واللجنة الوطنية للسكان، وفي سوريا بلغت ما يقارب 70% حسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء، أما لبنان فارتفعت نسبة البطالة فيه إلى ما يقارب 40% بين أفراد القوى القادرة على العمل و50% بين طلاب الجامعات حديثي التخرج حسب الخبير الإقتصادي البروفسور اسكندر كفوري. وخير مثال الحرب الحاصلة في سوريا التي أدت إلى لجوء السوريين إلى لبنان، ونتيجة هذا اللجوء فإن معدلات نسبة البطالة ارتفعت بسبب عدم وجود فرص عمل لأبناء البلد أولاً، فأصبح هناك تنافس كبير بين اللاجئ السوري والمواطن اللبناني صاحب الأرض. فآثار الحروب لا تقتصر على مكان تواجدها بل تتجاوز حدود مكانها لتؤثر على ما يجاورها من بلدان.
وأيضاً من آثار تلك الحروب والصراعات، الهجرة التي حصلت وما زالت تحصل في صفوف المواطن العربي، خصوصاً الشباب، حيث قاموا باللجوء إلى الدول الأوروبية غالباً، وبالتالي خسارة أوطانهم لقدراتهم العملية والعلمية ولكفاءاتهم وإبداعاتهم الفكرية. وتشتت أفراد الأسرة بين مهاجر في دول أوروبية ولاجئ في دول عربية. حيث ازداد معدل الهجرة إلى ما يقارب 250 مليون نسمة في الوطن العربي. حتى الجمعيات والمنظمات الدولية والجهات المانحة، أصبحت شبه عاجزة عن سد حاجات المواطنين. فالأونروا لم تعد قادرة على تقديم الإعانة للفلسطينيين، والأمم المتحدة لم تعد قادرة على مساعدة السوريين بسبب ارتفاع أعدادهم بين لاجئ خارج بلده ومحتاج داخلها. وأيضاً توقف بعض الجهات المانحة عن تقديم الدعم التعليمي والدراسي للطلبة. ومن خلال نظرة سريعة وشاملة للحروب على أرجاء الوطن العربي، نجد أنها أثرت على نسيج المجتمع العربي ككل وعلى أفراد أسره، حتى أصبح المواطن العربي غريباً في وطنه ولاجئاً في ربوعه.
لم تعد تلك المجتمعات العربية قادرة على الإستمرار في إنشاء الأسر بسبب إنتشار البطالة، الهجرات التي حصلت، وانتشار العصابات المسلحة، زيادة نسبة القتل، وتمزق النسيج الإجتماعي والثقافي. وكل ما حصل يعود إلى الحروب والنزاعات المسلحة المختلفة التي انتشرت بشكل كبير في الوطن العربي خلال السنوات الأخيرة الماضية. فالحرب كالمرض الخبيث الذي ينتشر في أنحاء الجسد الواحد، دون وجود أي قوة لإيقافه، وصولاَ إلى جسد كجثة هامدة لاحول لها ولا قوة.

www.arabicnetwrk.net