2017/10/28

بقلم ربيع مينا : الانتخابات النيابية “ المسرحية لم تنتهي بعد "

"الإنتخابات النيابية:
 المسرحية لم تنته بعد"بقلم ربيع مينا
( بناء الإنسان )


-----------------------------------
استبشر اللبنانيون خيراً بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد شغورٍ دام ما يقرب من سنتين ونصف السنة، كما استبشروا خيراً مع تشكيل الحكومة العتيدة بعد زوال ما كان يعترض طريقها من عقبات. واعتقد المواطنون أن بلدهم مقبل على انفراجات وحلول مرضية وانتعاش اقتصادي ومعيشي في أعقاب عقود من الأزمات الخانقة، واعتقدوا أيضاً أن ما قيل حول "لبننة" التسويات والحلول كان صحيحاً كون الرعاة الإقليميين والدوليين منشغلون بقضايا أكبر بكثير من القضايا الخلافية اللبنانية المتتالية، حيث اعتاد هذا الوطن الصغير على الرعاية الخارجية حتى منذ ما قبل قيام "دولة لبنان الكبير" وحتى الآن.
لكن مسألتي قانون الإنتخابات النيابية الجديد بعد مضي 28 عاماً على "اتفاق الطائف" والموازنة بعد مضي 12 عاماً، أظهرتا مدى هشاشة الوضع اللبناني من جهة، ومدى حرص الطبقة الساسية على مصالحها الذاتية من جهة ثانية، وأن هذه الطبقة لا تنظر إلى لبنان كوطن بل كقالب حلوى أو قطعة جبنة يتقاسمونها فيما بينهم، وأن المواطن بكل شؤونه وشجونه وتطلعاته وأحلامه هو بمثابة صفر على الشمال (بلا قيمة حسابية) أو في أحسن الأحوال هو مجرد أداة يحركها الإقطاع السياسي كيفما وأينما يشاء.
وعلى سيرة الديمقراطية لا نعرف كيف تستقيم في بلد تتقاسمه الطوائف والمذاهب والعشائر والإقطاعين السياسي والعائلي، وكلها تتناقض كلياً مع أبسط النظم والقوانين والأعراف الديمقراطية.
وعن أية ديمقراطية يتحدثون إذا "الميثاقية" تتحكم بالبلد فلا الأكثرية تحكم ولا الأقلية تعارض، بل يتشاركان في الحكم وبذلك تسقط المساءلة والمحاسبة في برلمان يتنافس فيه الخطباء عبر "تلفزيون الواقع" لأنهم يمثلون على شعب لا يمثلونه، ويتوافقون خلف الكواليس، وفي نهاية المطاف يؤيدون أي قانون أو مرسوم برفع الأيدي.
وبالعودة إلى قانون الإنتخابات النيابية الجديد فالمؤكد أن أصحابه لا يفقهون آلياته فكيف بالمواطن العادي الذي عوّدوه أن يقترع على "العمياني" ويسقط الورقة "زي ما هيي" في صندوقة الإقتراع، خاصة أن الغالبية العظمى من المقترعين هم من الطبقة الشعبية التي يُساق معظمها إلى أقلام الاقتراع وغشاوة الطائفية والمذهبية تغطي أبصارهم وبصائرهم.
وكم من الوقت يحتاج عامة الناس للتدرب على كيفية الإقتراع، ناهيك عن الحاجة إلى وقت طويل لتدريب القائمين على الانتخابات من رؤساء أقلام وكتبة...
لقد ضاق صدر اللبنانيين ذرعاً، لا سيما بعد مرور التمديد الثالث الذي يعتبره بعض رجال القانون مخالفاً للدستور لأن النواب هم من جددوا لأنفسهم ولم يوكلهم الناخبون الذين وحدهم أصحاب الحق الحصري في تجديد الثقة أو نزعها عن وكلائهم!
وطالما أن مشاهد "المسرحية" لم تنته فصولها بعد، وفي ظل غياب الثقة لدى الشعب من إجراء الانتخابات في أيار من العام 2018 بالرغم من تأكيد القوى السياسية على إجرائها المتزامنة مع ارتفاع حدة التصعيد الخطابي الذي قد يعيدنا الى الانقسام السياسي الحاد في لبنان بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وجب على الجمهور وضع حدّ لتلك المشاهد المملة وعدم الإقتراع مجدداً للمخرجين والممثلين الذي "خانوا" الأمانة وخذلوا الناس، وأن يكون الحساب عسيراً في صندوقة الإقتراع فقد حان وقت النهوض من السبات العميق و"الانتفاض" على الواقع التعيس!