2018/02/22

سفير الاعلام العربي ربيع مينا : الشباب هم الركيزة الاساسية في حركة الشعوب ...

الشباب هم الركيزة الأساسية في حركة الشعوب . 🖋ربيع مينا
جريدة «بناء الإنسان»
_________________________


لطالما كان الشباب (ذكوراً وإناث) هم الركيزة الأساسية في حركة الشعوب وثوراتها وأدوات التغيير نحو الأفضل، وقد كان الشباب العرب عماد موجات "الربيع العربي" الذي تحول في بعض الأحيان إلى خريف قاتم ملطخ بالدماء والدمار، بعد أن إستغلت بعض القوى مسألة عدم تبلور ثورات الشباب على الأنظمة الديكتاتورية في أطر منظمة وبرامج مدروسة، حيث كانت تحركات الشباب العربي عفوية بامتياز وذات أبعاد إجتماعية وإقتصادية ومعيشية، فجاءت قوى سياسية وقيادات عسكرية وأمنية لتركب الموجة وتقطف الثمار وتخرج الشباب خاليي الوفاض، حتى أن بعض الرموز الشبابية كان نصيبها السجن والإبعاد والقهر.
وبالرغم من أن وسائل التواصل بين مختلف شرائح المجتمعات، وخاصة الشباب منهم، متوفرة في ظل توفر وسائل الإتصال وسهولتها والتي أتاحت المجال لحشد أعداد مليونية في الحراكات الشعبية، إلا أن حركة الشباب بقيت قاصرة نظراً لغياب القيادات الواعية والمؤدلجة والمسيّسة والتي تمتلك رؤى واضحة ومستقبلية تستطيع من خلالها تحديد الأهداف ورصّ الصفوف وإغلاق المنافذ والمسارب التي يمكن أن ينفذ منها الغير لتحقيق مآربه وأهدافه التي تتعارض كلياً مع طموحات وآمال الشباب.
وحال الشباب في لبنان لا يختلف عن حال الشباب العربي، لا بل هو أكثر سوءاً لأسباب كثيرة لا يمكن حصرها، في طليعتها التركيبة السياسية الطائفية والتي نجحت في تحشيد الإصطفاف خلف قيادات سياسية طائفية ومذهبية بامتياز، واستطاعت إرساء الإنتماء للطائفة والإستزلام للزعيم أو المسؤول بدل الإنتماء للوطن.
والسبب الثاني هو تفشي البطالة والفقر والتسرّب المدرسي ما دفع الكثير من الشباب إلى الإسترزاق من المسؤولين أو إلى اللهاث وراءهم لتأمين وظيفة أو فرصة عمل، والنتيجة تكون التبعية المطلقة للمسؤول باعتباره وليّ النعمة وصاحب الفضل، علماً أن أية وظيفة يجب أن تكون حقاً مكتسباً للمواطن بغضّ النظر عن انتمائه السياسي والطائفي والمناطقي.
السبب الثالث هو غياب الأحزاب الوطنية وخاصة العروبية منها وتحوّلها إلى مجرد رموز ويافطات في أحسن الأحوال، هذه الأحزاب التي كانت في الماضي البعيد تقود حركة الشارع وتخوض المواجهات السياسية والمطلبية في وجه السلطة، إلا أنها صارت إما جزءاً من السلطة أو إضمحلّت إلى درجة الذوبان، ومن ما يزال قائماً منها لا يحمل أفكاراً متطورة تحاكي الواقع الشبابي بالتحديد لأن أفكاره تحاكي العصور الحجرية والعقول الخشبية.
والسبب الرابع هو أن مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني التي كان يفترض أن تكون بديلاً للأحزاب السياسية تبين أنها، أو معظمها، غارق في الشخصانية والتبعية وكل همه مجرد صورة وخبر و"كفى الله المؤمنين شر القتال".
فما هو المطلوب، وكيف يمكن إستنهاض جيل الشباب الذي فقد دوره؟
الحل هو في تصدر أصحاب العقول والأفكار المستنيرة حركة الشارع، وفي إعادة الحياة إلى العمل التطوعي باعتباره ثقافة أساسية في خلق الحماس والإندفاع والتضحية من أجل صنع مستقبل مشرق يشعّ بالأمل والفرح والحياة، إذ إن العمل التطوعي كان على مر السنين أكثر أهمية وعطاء من العمل لقاء أجر مادي أو معنوي أو وعد من هذا وذاك، خاصة أن التطوع يكون نابعاً من قناعة راسخة وليس من مصلحة أو غاية.
إنها دعوة صادقة تنبع من قلب جيل الشباب هدفها بناء الإنسان وفق منظومة راقية تعيد الإعتبار للإنسان الذي فضّله الله تعالى عن باقي المخلوقات وجعله خليفة له على الأرض كي يعمرها ويقيم فيها العدل والمساواة.