2018/07/29

من لهذا المواطن الذي لم يعد يربطه بوطنه سوى بطاقة هوية.  بقلم ربيع مينا ...



من لهذا المواطن الذي لم يعد يربطه بوطنه سوى بطاقة هوية. 
بقلم ربيع مينا
--------------------------------------------------------------------
الإنسان هو أفضل المخلوقات ولقد كرّمه الله تعالى وميّزه بالكثير من الصفات، كما حضّت الكتب السماوية على المساواة بين البشر، وفي ذلك يقول النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): "الناس سواسية كأسنان المشط... لا فضل لعربيّ على أعجميّ إلا بالتقوى"، كما حمّل الإسلام مسؤولية كبيرة للرعاة، ولذلك كان بعض السلف الصالح يهاب من تسلم المسؤولية لأنه سوف يُسأل عنها يوم القيامة، ويقول الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عندما كان أمير المؤمنين: "واللهِ لو تعثرت دابة في العراق لسُئل عنها عمر يوم القيامة: لما لم تُعبّد لها الطريق". فكيف بالمسؤولية تجاه الإنسان، وهل يقوم المسؤول بواجباته تجاه المواطن في بلدنا وخاصة في مدينة طرابلس الغارقة بالأزمات الإنسانية والإجتماعية والمعيشية، الغارقة بالفقر والحرمان والجهل والآفات والتسرب المدرسي والبطالة، ومن ينقذ أهلها من هذه الأزمات المستفحلة المزمنة؟؟
ونسأل:
-من ينقذ المواطن من الفقر المستشري الذي يعتبر "أم المصائب" والمسبب الأبرز لكل ما يعانيه في حياته؟
-من ينقذ المواطن من مساوئ العيش في الأحياء الشعبية المكتظة والتي تفتقر لمقوّمات السلامة العامة والبيئة النظيفة والبنى التحتية المهترئة أو غير الموجودة أصلاً؟
-من ينتشل المواطن من البطالة الناجمة عن عدم توفر فرص العمل وغياب المؤسسات والمصانع والمعامل؟
-من يضع حداً للتسرّب المدرسي الذي بلغ حدوداً لم تعرفها المدينة من قبل وما تسببه من تفشي الأمية والجهل وبالتالي تؤدي إلى ضياع أجيال متعاقبة يفترص أن تكون عماد الوطن؟
-من ينقذ المواطن من التلوث البيئي الذي يهدد صحته وينذر بكوارث كبيرة لا قدرة لديه على تحمّل تداعياتها؟
-من ينقذ الطرابلسي من غياب الخدمات العامة: الكهرباء، السير، البنى التحتية، الأرصفة، الشوارع، الأبنية المتهالكة...؟
-من ينقذ المواطن من غياب البلدية عن القيام بواجباتها البديهية البسيطة؟
-من لهذا المواطن الذي يموت عند أبواب المستشفيات لأنه لا يستطيع دفع قرش واحد ولا يستطيع شراء حبة دواء واحدة؟
-من لهذا المواطن الذي "لحست" عقله التعبئة الطائفية والمذهبية فتعطّل تفكيره وشلّت قدراته ولم يعد قادراً على التمييز بين الأبيض والأسود؟
-من ينقذ المواطن الذي حوّلوه إلى أداة لخدمة هذا السياسي أو ذاك واشتروه بثمن بخس لتحقيق ما يصبون إليه؟
-من ينقذ المواطن من التسوّل المباشر وغير المباشر والذي يهدر ماء وجهه للحصول على "فتات" أو "حسنة" عند أبواب الأثرياء أو على أبواب دور العبادة؟
-ومن لهذا المواطن الذي لم يعد يربطه بوطنه سوى بطاقة هوية أو إخراج قيد ولم يعد لديه حتى "مرقد عنزة" في وطن الآباء والأجداد؟
وتزداد الظروف الاجتماعية لشرائح عريضة من المواطنين سوء, وتصل الظروف المعيشية مرحلة غير مسبوقة من التدهور لم تعد تطاق, كل هذا بفعل السياسات الفاشلة المنتهجة من قبل السلطة في لبنان، المرتكزة على الإهمال واللامبالاة بمشاكل وهموم المواطنين .