2019/05/27

خيانة الوطن وحماته :سلطة سياسية تمدّ يدها إلى جيوب الشعب اللبناني وقواه العسكرية لتمويل فسادها الذي أدخل البلد في دَينٍ مزمن وعجز مدمن.









 قضم حقوق العسكريي  


 رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يتلقى كرة الموازنة من الحكومة، ليقذفها بدوره إلى ساحة النجمة، بينما يقف الجمهور عاجزاً ومذهولاً أمام سلطة سياسية تمدّ يدها إلى جيوب الشعب اللبناني لتمويل فسادها الذي أدخل البلد في دَينٍ مزمن وعجز مدمن.

لن تكون الجلسة رقم 20 مختلفة إلا من حيث المكان والرئاسة، فالرئيس ميشال عون سيحاول كسر الحلقة المفرغة من النقاش بتسجيل بعض الملاحظات التي لديه على الموازنة، خصوصاً أنه كان أوحى ببعض تلك الملاحظات قبل أيام وترجم قسماً منها وزير الخارجية جبران باسيل

. لكن الأرجح أن الجلسة 20 "سترفع العشرة" مرتين، لإحالة النقاش إلى مجلس النواب، مع ضمانات من الرئيس نبيه بري بالإسراع في إنجازها في لجنة المال واللجان المشتركة وصولاً إلى الجلسة العامة التي يرجّح أن تنعقد في النصف الثاني من الشهر المقبل، خصوصاً أن عامل الوقت بات ضاغطاً على الجميع في قضية الإنفاق الذي سينتهي الاستثناء الممنوح للحكومة به على أساس القاعدة الإثني عشرية نهاية الشهر الجاري، أي بعد أيام، وبالتالي ستكون الدولة كلّها أمام مأزق توقّف الانفاق وشحّ المال في إداراتها.

وفقاً لهذه التوجهات التي يبدو أن تنسيقاً حصل بشأنها بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، فإن جلسة اليوم ستكون ختامية، إلا إذا طرأ أمر لم يكن في الحسبان، لأن رئيس الحكومة سيغادر بعد أيام لتمثيل لبنان في قمتي مكة المكرمة، بينما يحلّ منتصف الأسبوع المقبل عيد الفطر، وبالتالي فإن النقاش سيتوقّف حكومياً في الموازنة التي بلغ عدد بنودها 96 بنداً، ويحال النقاش إلى مجلس النواب حيث سيكون فيه صدى الموقف الذي أعلنه الامين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصر الله، في عيد المقاومة والتحرير، من ان هناك بنوداً في الموازنة تمس الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود ولا بدّ من تعديلها، وان "حزب الله" لن يعرقل وسيتعاون لتصدر الموازنة من الحكومة وتذهب إلى مجلس النواب، "وهناك ستكون فرصة كبيرة جدا للنقاش والتعديل والتعاون في معالجة بعض الأمور".
ومع أن رهان الكثيرين على تعديلات على الموازنة في مجلس النواب تخفّف العبء عن اللبنانيين، إلا أن هذا الرهان لا يبدو في محلّه، فالحكومة هي "ميني مجلس"، وهي تمثّل غالبية الكتل السياسية الموجودة في الحكومة، وبالتالي فإن الاعتراضات التي حصلت في الحكومة ولم يستطع أصحابها تغيير وجهة الإجراءات الموجعة التي وضعتها الحكومة، لن تكون لها فاعلية في مجلس النواب أيضاً، لأن الأغلبية النيابية تؤيّد هذه الإجراءات، حتى أن بعض الوزراء يدافعون عنها ولا يرون فيها أي ضرر على الناس، وإنما فيها "منفعة" لهم!
وعلى خطٍّ موازٍ للتحركات الاحتجاجية على ما تتضمّنه الموازنة من إجراءات تطال فئات الموظفين والمتقاعدين، المدنيين والعسكريين، لوحظ أن قضية التدبير رقم 3 لم يتم حسمها حتى اليوم، وبالتالي فإن مشروع الموازنة سيذهب من الحكومة إلى مجلس النواب من دون التطرّق إلى هذا الأمر، وذلك استناداً إلى الرأي القائل أن القرار بشأن التدبير رقم 3 هو قرار إجرائي.
ومع أنه لم يعرف ما إذا كان حصل اجتماع لقادة الأجهزة العسكرية يوم السبت وفقاً للمعلومات التي جرى تداولها، وما هو التوجّه الذي خرج به هؤلاء بشأن كيفية تصنيف فئات العسكريين بين التدابير 1 و2 و3، في حال حصول الاجتماع، إلا أن ما يجرى تداوله في أوساط ضباط القيادة العسكرية هو تأكيد الجيش حق العسكريين في تطبيق المفاعيل المادية للتدبير رقم 3 عليهم طالما بقي العمل قائماً بالمرسوم رقم 1 الصادر في العام 1991 الذي كلّف الجيش مهمة حفظ الأمن على جميع الأراضي اللبنانية.
حالة الامتعاض في صفوف الجيش هي مزيج من الألم والمفاجأة، في ظل ما يحصل من "تحايل" على حقوق العسكريين، حيث أن الحكومة تحاول اليوم قضم ملحقات الراتب، مع العلم أن هذه الملحقات كانت تعطى للعسكريين من دون إضافتها إلى أساس الراتب على غرار ما يحصل مع الموظفين المدنيين، وهو ما أدى إلى هوّة بين أساس رواتب العسكريين وأساس رواتب المدنيين. فما يحكى عن حذف ملحقات الرواتب، ومن بينها بند "تجهيزات عسكرية"، هو عملياً لا علاقة له بالإسم، وإنما تم وضعه لعدم دمج الزيادة بأساس الراتب وليس منحة تعطى ترفاً للعسكريين، في الخدمة أو متقاعدين، وبالتالي فإن حذفه اليوم يعني قضم جزء من الراتب.
وتشير أرقام موازنة وزارة الدفاع للعام 2018 وأرقام مشروع موازنة 2019 إلى المقارنة التالية:
عام 2018، رُصِد لموازنة وزارة الدفاع مبلغ 3198 مليار ليرة. أما النفقات المقدرة لعام 2019، فتبلغ 3431 مليار ليرة، في مقابل 2946 مليار ليرة مقترحة لعام 2019 من قبل مجلس الوزراء. أما الإقتراح الأخير في مشروع الموازنة، فبلغ 2913 مليار ليرة، أي بتخفيض بقيمة 33 مليار، إلى أن وصل التخفيض النهائي لوزارة الدفاع إلى 518 مليار ليرة.
ومن بين الأمثلة على البنود التي طالها تخفيض الموازنة:
ـ التغذية 10% (تكلفة تغذية العسكري الواحد تبلغ يومياً نحو 5650 ليرة لبنانية، يصبح بعد التقشف 3500 ليرة عن كل يوم).
ـ المحروقات 28%.
ـ المدارس 15% (أي أنها أصبحت 35% تعويض بدل للعسكريين عن المبالغ المدفوعة في المدارس عن أولادهم).
ـ تجهيزات وذخائر 40%.
ـ تعويضات مختلفة (وفاة ـ مكافآت) 33%.
ـ نفقات سرية 16%.
ـ إنشاءات 73%.
ـ صيانة وسائل نقل 22%.
ـ أعياد وتمثيل (أكاليل ورد وغيره) 50 %.
وبالنسبة للمحسومات على أساس الراتب:
ـ حسم 3% من أساس الراتب كبدل طبابة.
ـ رفع الحسومات المخصصة للراتب التقاعدي إلى 9% من أساس الراتب