2020/03/31

مدير الشبكة العربية في المغرب الدكتور عزيز منتصر : الدكتورة امينة رضوان : خوّل الدستور(1) المغربي للبرلمان حق ممارسة السلطة التشريعية







خوّل الدستور(1) المغربي للبرلمان حق ممارسة السلطة التشريعية، وفي هذه الحالة أعطاه الحق في أن يصوت على القوانين، و يراقب عمل الحكومة، ويقيم السياسات العمومية. غير أنه يؤذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود، ولغاية معينة بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها، ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها، و يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة، عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الاذن بإصدارها، ويبطل قانون الاذن إذا ما وقع حلّ مجلسي البرلمان أو أحدهما (2)

ويمكن للحكومة أن تصدر خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، ويجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية (3)

وفي هذا الصدد أعلن وزير الداخلية السيد عبد الوافي لفتيت عن حالة الطوارئ الصحية بالمغرب وفق ما صادق عليه المجلس الحكومي الاستثنائي يوم الأحد 22 مارس 2020.

وقد نظم المشرع المغربي حالة الطوارئ الصحية بموجب:
مرسوم بقانون رقم 2.20.292 صادر في 28 من رجب 1441 (23 مارس 2020) يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية والاجراءات الاعلان عنها،
مرسوم رقم 2.20.293 صادر في 29 من رجب 1441 (24 مارس 2020) بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19 (4)
فما المقصود بحالة الطوارئ الصحية؟ وما هي الأنظمة المشابهة التي قد تختلط بها؟ و ما هي الاجراءات التي جاء بها قانون الطوارئ الصحية؟ وما هي العقوبات المزمع اتخاذها في حق المخالفين لها؟

ذلك ما سنحاول مقاربته من خلال تقسيم هذا البحث إلى مبطلين اثنين كالآتي:

المطلب الأول: ماهية حالة الطوارئ الصحية
المطلب الثاني: الأحكام الواردة على حالة الطوارئ الصحية بالمغرب

المطلب الأول
ماهية حالة الطوارئ الصحية

أعلن المغرب كباقي دول العالم عن حالة الطوارئ الصحية نظرا لتفشي جائحة كورونا، التي اجتهد الأطباء و العلماء في ايجاد دواء للحد منها.

فماذا نعني بحالة الطوارئ الصحية (فقرة أولى) التي قد تختلط بحالات مشابهة لها (فقرة ثانية)

الفقرة الأولى: مفهوم حالة الطوارئ الصحية

في سادس مرة (5) في تاريخ منظمة الصحة العالمية تعلن عن حالة الطوارئ الصحية بسبب تفشي فيروس كورونا ، وقد اتخذت المنظمة المذكورة هذا القرار بعد اجتماع لجنة الطوارئ التي تتكون من خبراء دوليين يقدمون المشورة الفنية الى المدير العام للمنظمة.
و تعرّف حالة الطوارئ الصحية بأنها :”حدث استثنائي يشكل خطر على الصحة العامة للدول الأخرى من خلال انتشار المرض بين الدول، وقد يتطلب استجابة دولية مُنسَّقة (6)






وبذلك فهي حالة تتطلب حدوث وضع صحي خطير أومفاجئ أوغير عادي أوغير متوقع، وأن يكون الحدث الصحي يحمل تداعيات على الصحة العامة خارج الحدود الوطنية للدولة المتأثرة ، وأن يكون يتطلب إجراءات دولية فورية.

الفقرة الثانية

تمييز حالة الطوارئ الصحية عن حالتي الاستثناء والحصار


ينص الفصل 59 من دستور المملكة المغربية على ما يلي:” إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية، أمكن للملك أن يعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، و رئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، و توجيه خطاب إلى الأمة، ويخول الملك بذلك صلاحية اتخاذ الاجراءات التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية، ويقتضيها الرجوع إلى أقرب الآجال، إلى السير العادي للمؤسسات الدستورية”

وينص الفصل 74 من الدستور على ما يلي : “يمكن الاعلان لمدة ثلاثين يوما عن حالة الحصار، بمقتضى ظهير يوقعه بالعطف رئيس الحكومة، ولا يمكن تمديد هذا الأجل إلا بالقانون”

ويتضح من خلال هذين الفصلين أن حالتي الاستثناء والحصار هما اختصاصات دستورية، تمارس فيهما المؤسسة الملكية سلطات استثنائية تكفل لها اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة كل خطر يهدد المملكة، و قد ربط الفصل 59 من الدستور قيام حالة الاستثناء بشروط شكلية تبتدأ باستشارة  الملك كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المحكمة الدستورية و توجيه خطاب إلى الأمة، وتنتهي وفق هاته الشروط كذلك. كما أن هناك شروط موضوعية تتمثل في الاعلان عن هذه الحالة متى كانت حوزة التراب الوطني مهددة أووقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية.      وأما حالة الحصار فالمدة الزمنية المحددة لها قصيرة بالنسبة للحالة الأولى.

لتبقى حالة الطوارئ الصحية بمثابة الاعلان عن أزمة صحية للدولة المتضررة نتيجة تفشي وباء خطير بشكل غير متوقع، يستلزم التعامل معه اتحاذ اجراءات مستعجلة لذرئه، انسجاما مع كفالة الدولة لكل فرد من أفرادها الحق في السلامة في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع حسبما هو منصوص عليه في الفصل 21 من الدستور.

فما هي الأحكام التي استصحبت حالة الطوارئ الصحية بالمغرب؟

المطلب الثاني

الأحكام الواردة على حالة الطوارئ الصحية بالمغرب

جاء المرسوم بقانون رقم 2.20.292 صادر في 28 من رجب 1441 (23 مارس 2020) المتعلق بسن أحكام خاصة بحالةالطوارئ الصحية و الاجراءات الاعلان عنها، والمرسوم رقم 2.20.293 صادر في 29 من رجب 1441 (24 مارس 2020) المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19، بمجموعة اجراءات فرضتها الظرفية الحالية التي يمر منها العالم، من أجل توقّي جائحة كورونا (فقرو أولى) التي استوجب المشرع احترامها تحت طائلة فرض عقوبات في حق المخالفين لها (فقرة ثانية)

الفقرة الأولى

الاجراءات المصاحبة لحالة الطوارئ الصحية بالمغرب

من خلال المرسومين المذكورين أعلاه المتعلقين بحالة الطوارئ الصحية  يمكن جرد الاجراءات المصاحبة لحالة الطوارئ الصحية بالمغرب، كالآتي:

أولا: إن المسطرة التي اعتمدتها الحكومة المغربية للإعلان عن حالة الطوارئ الصحية هي مسطرة استثنائية، ما مدام حق التشريع مكفول للبرلمان في الحالة العادية حسبما هو ثابت من الفصل 71 من الدستور، وأنه يصعب تطبيق المسطرة التشريعية العادية في ظل هذا الظرف الاستثنائي الذي يتطلب السرعة لمواجهة تفشي وباء كورونا القاتل،

ثانيا: إن حالة الطوارئ الصحية مفروضة على جميع التراب المغربي نظرا لتهديد وباء كورونا حياة الأشخاص و سلامتهم،

ثالثا: تم تحديد فترة زمنية لحالة الطوارئ الصحية تبتدأ من 20/03/2020 وتنتهي في 20/04/2020 مع إمكانية تمديد مدة سريان مفعولها،

رابعا: لا تحول التدابير المتخذة من طرف الحكومة خلال فترة الطوارئ الصحية من ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية وتأمين الخدمات للمرتفقين،

خامسا: يتعين على الأفراد التقيد بالأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية،

سادسا: خوّل قانون الطوارئ الصحي للسلطات العمومية اتخاذ التدابير التالية: عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم، منع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكناه إلا في الحالات الضرورية القصوى والمحصورة في الفقرة باء من المادة الثانية من المرسوم رقم 2.20.293 الصادر في 29 من رجب 1441 (24 مارس 2020) المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19، منع التجمعات والتجمهرات والاجتماعات للأشخاص إلا إذا كانت لغرض مهني و روعيت فيها تدابير الوقاية، إغلاق المحلات التجارية و من في حكمها التي تستقبل العموم.

سابعا: يمكن للحكومة في حالة الضرورة القصوى أن تتخذ بصفة استثنائية أي إجراء ذي طابع اقتصادي أومالي أواجتماعي أو بيئي يكتسي صبغة استعجالية يكون من شأنه الاسهام مباشرة في مواجهة الآثار السلبية المترتبة عن إعلان حالة الطوارئ.

الفقرة الثانية: العقوبات المتخذة في حق المخالفين لحالة الطوارئ الصحية

إن أية قاعدة قانونية لا يضمن تطبيقها على الوجه السليم إلا بالتنصيص على مقتضيات زجرية تكفل احترامها.

وهكذا نص قانون الطوارئ الصحي بالمغرب على مجموعة عقوبات في حق المخالفين لهذا القانون، تكمن في معاقبة المخالفين للأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر و بغرامة بين 300 و1300 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين دون الاخلال بالعقوبة الجناية الأشد.

كما يعاقب بنفس العقوبة كل من عرقل تنفيذ قرارات السلطات العمومية المتخذة عن طريق العنف أوالتهديد أوالتدليس أوالاكراه.

ويعاقب أيضا كل من قام بتحريض الغير على مخالفة هاته القرارات بواسطة الخطب أوالصياح أوالتهديدات المفوّه بها في الأماكن أوالاجتماعات العمومية، أوبواسطة المكتوبات أوالمطبوعات أوالصور أوالأشرطة المبيعة أوالموزعة أوالمعروضة في الأماكن أوالاجتماعات العمومية، أوبواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم أوبواسطة مختلف وسائل الاعلام السمعية البصرية أوالالكترونية وأي وسيلة أخرى.

الهوامش:

(1) ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليوز 2011)

(2) الفقرة الأولى من الفصل 70 من دستور المملكة المغربية الشريفة.

(3) الفقرة الأولى من الفصل 81 من الدستور.

(4) مرسومين منشورين بالجريدة الرسمية، السنة التاسعة بعد المائة، العدد 6867 مكرر ، 29 من رجب 1441 ( 24 مارس 2020) الصفحة 1782_1783

(5) الحالات الخمسة السابقة لإعلان منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ هي التالية: 2009 تفشي وباء
(VIRUS H1N1 )