2020/10/31

الإعلامية والأديبة زينه جرادي : ‎عطر الحياة ...

 





‎عندما يسكنني ذاك المساء بصمته

‎أحزمُ حقائبَ التَّرحالِ وأهاجرُ إلى مضاربِ غيمةٍ منسيّة 

‎أستفيقُ على كركرةِ الكلامِ وهي ترسمُ دوائرَها الفيروزيّة 

‎إخالُ القمر َ يغتسلُ خجلًا من ضوء الوحشة 

‎لا أعرفُ سبلَ الانعتاقِ ولا أجدُ تلك المبررات 

‎وحيدة أنا دومًا

‎يرافقُني ظلُّ الوحدةِ بهدوءٍ نحو وديان الغروب 

‎تأتيني من سراجِ الانتظارِ شعاعةٌ سمراء

‎تؤنسُني وتفتحُ الأبوابَ للجن 

‎تغتالُني أمسياتٌ كانت مستترةً في عروة قميصي 

‎راميةً وشاحاتٍ مزركشةً بالحنين على مرآتي 

‎وكأن شتائي  لا يمطر مواعيدَ ولا لقاءات 

‎تجانستُ مع السكونِ وهدهدةِ الفراغات الرقطاء 

‎صرتُ أتغذّى حريتي من ذاتي 

‎وصارت ذاتي تتغذى حريتها من صمتي 

‎إن المسافةَ العوجاءَ في قعرِ فنجاني 

‎وبقايا الرمادِ الراسي في منضدةِ غربتي 

‎صارتا قصائدَ الشوقِ المنسيةِ في أشعارِ الشعراء

‎صارت روحي مُسجّاةً على كفِّ الأيام 

‎صقيعها بات دافئًا تمامًا كاحتضانِ الزهرِ للشوك 

‎وصرتُ متآلفةً مع حالتي مثل صياد اصطادته طريدتُه 

‎أغلقتُ نوافذي على الوجوه الآتيةِ من خيالِ الاتجاهات 

‎أقفلتُ كلَّ الطرقاتِ الفرعيةِ في حياتي 

‎فالخريفُ وإن هبّت رياحُه 

‎وتعطّرَ بنسائمِ الشتاء 

‎يبقى في ثنايا هبوبه عطر ُ الحياة