2020/11/30

أكادُ أشتَاقُ : الأديبة الإعلامية هيفاء الأمين

 



برحَ بي الشوقُ في يومٍ شتويٍّ فأردتُّ أنْ أحتفلَ بحُبٍّ لمْ أنَلْهُ ، فأرجَأتُ حفلتي ولم أنتبهْ إلى أنِّي أشرفْتُ على البكاءِ ، وانتبهتُ في لحظةِ قوى ، تملْمَلَتْ في شفتي كلماتٌ لمْ أقلها فأنا أحسبُ حسابَ الحروفِ فهي تشي بي ، وتملأ مِنْ قولي كتباً تهديها لكَ ، وكتباً تفرقُهَا على مَنْ لا يحبني وإنْ صَمَتُّ فإنَّ صمتي كالنارِ تحرقني وتلسعني فأنا بينَ شفتين  إحداهما بكاءُ الصَّمْتِ يقتلُها وأخرى بكاءٌ بشوقٍ يُضْنيهَا، لا تكادُ تفتحُ إلا لتنشرَ عبيرًا في حُلْمٍ أو كلماتٍ في مساءٍ ، فأرفقْ بمَنْ أحَبَّ وشوقُهُ يكادُ يجبرُهُ على أنْ يرددَ اسمَكَ ويرسلَ لكَ الريحَ لكي 


تسألَ عنكَ ، فتصوَّرْ خَجَلِي بردٍّ منكَ ، فردُّكَ أنساها كلَّ عتَبٍ ، سألتُكَ بالله ألمْ تحبَّ فأجبْتَ : لا فما أشدَّ قسوتَكَ ! ، تكتمُ حبكَ وتشدُّني إليكَ ، تنسى وعْدَكَ وتحرمُني منكَ ، فما أنتَ حتى أردِّدُ اسمَكَ في حلالٍ وحرامٍ وأنتَ بلا قلبٍ ، تكادُ لا تحسُّ ولا تشعُرُ ، شقَقْتَ اسمَكَ منْ شجنٍ وكرْبٍ ، فما كان اسمُكَ إلا حرمانًا وحبًّا ، وكمْ حلفتُ بكَ في رجاءٍ واحتملتُ كلماتٍ منَ الحرجِ أنْ أقولَهَا لكَ ، فكيفَ تفهمُ سيدي ؟! 

وأنا في حِلٍّ منْ كلِّ وعْدٍ وعدتُّهُ وكلِّ شيءٍ فصَّلْتُهُ وقد فصَّلْتُ الكثيرَ ، وما أنا إلا حُبٌّ 


ولِدَ ميتًا ، تحققتْ نبؤتُكَ فيهِ ، فكسبتَ الرهانَ في كلِّ حلبَةٍ ، وبشارتُكَ سيدي فأنتَ مَنْ كسبَ وأنتَ مَنْ حلفَ أنهُ لا حُبَّ إلا في كتبٍ أنتَ سميتَهَا صفراءَ ، وكمْ مزقتَ صفحاتِهَا بيدِكَ ، وأنتَ لا تكترثُ بقولٍ ولا تُبدي رأفَةً ورأيتُ فيكَ محالاً ومحنةً وإرادَةً ، كرهتُ أنْ أحدثَكَ بتكبُّرِكَ وعنادِكَ فتزيدُ وتتحدَّى وأنا أعبِّرُ لكَ عنْ مكنون نفسِكَ ، تتمسكُ برأيكَ وتشدُّني إلى حُكْمٍ باشرتَ إصدارَهُ بلا رأفةٍ ولا رحمَةٍ ولا شهدَ بذلك شاهدٌ ولا قاضٍ ، فأنتَ الحاكِمُ والحَكَمُ وأنا المذنبُ والمحكومُ عليه ، فإنْ رأيتَ أن تقفَ 


بينَ يديْ عدالةِ الله فلا أحسبُكَ إلا مذنباً وإني كنتُ إحدى سباياكَ شئتَ أنْ تكملَ بها عددًا فأكملتَهُ ، ولا تنسَ أني كنتُ حتى لم أحْسَبْ في عدادِ سباياكَ ، فهنَّ كثيراتٌ وقدْ سبيتَني في حربٍ كنتَ فيها المبارزُ الوحيدُ والفارسُ العتيدُ، فبالهناءِ والشفاءِ فأنتَ أصبتَني في مقتلٍ وأنا حتى لمْ أرفعْ سلاحاً بيدي ولم أدافعْ عن نفسي ، وإنما استسلمتُ لمَنْ أحببْتُ فلا تلمني فأنا برحَ بي شوقٌ شجاني وأحبَّ أنْ يشرحَ لكَ شدَّتَهُ ، فمسَحْتَ حرفَ شوقٍ ومَزَّقْتَ كتابَ حُبٍّ فما أقسَاكَ !