2020/11/15

مَطَرُ صَيْفٍ كتابة الأديبة الإعلامية هيفاء الأمين

 


كرهتُ أنْ أقولَ أنَّ الصيفَ درَجَ على حَرٍّ وشكوى ، وكرهتُ أنْ أبوحَ للصيفِ بما أعتقدُهُ فيهِ ، فبدرَتْ منِّي بادرَةٌ كتبتُها وأرسلْتُها معَ أحلى نسمَةٍ في صيفٍ حارٍّ وبُحْتُ لها بما أحرقني ، وكنتُ أرجو منها أن تصلَكَ وهي في غايَةِ البردِ فأنتَ مَنْ أحبُّ ، بشَّرْتُكَ بشارةً فيها حديثٌ عنكَ ، فكيفَ أحدثكَ بهِ ، فأنتَ لا تحبُّ أنْ ترى كلمَةَ فيها عتبٌ ولا تسمعُ شكوى فيها ملامٌ ، فلقد درجتَ على الاستماعِ لما تحبُّ ، فهل أذكرُكَ بشيءٍ لا تحبُّهُ ، فاسمَحْ لي سيدي بأنْ أحسبَ سقطاتِكَ في حقِ منْ أحبَّكَ ، فأولاهما حينَ أحببتُكَ فكأنكَ إنسانٌ لا 


يعرفُ من الحبِّ سوى اسمِهِ ، فمددتُ لكَ يدي المرتعشةَ فلمْ تحَيِّهَا بلمْسَةٍ أو كلمَةٍ وأنتَ تعلمُ بحبي لكَ فأينكَ منِّي ؟! 

و أثني بسقطةٍ أخرى كتبتُها في مكانٍ أحببتُهُ كي لا أنساها وأحسبُكَ تذكرُها ، فهلْ تذكرُ صباحَ يومٍ كنا فيه فاقتربتُ منكَ فكأنكَ أصابكَ مَسٌّ من الشيطانِ فكدتَّ تقعُ فأسندتُكَ إلى حيثُ تحبُّ ، فكأني أذنبتُ في فعلي وأرسلتَ لي نظرَةً كأنها شواظٍّ مِنْ نار كادتْ أن تحرقني وتشعرني بأني ارتكبتُ أمرًا فادحًا فيما فعلتُ ، فبدأتُ بالاعتذار لكَ وأنتَ تحسبُني أترجاكَ حتى تصفحَ عنِّي ، وقد علمتُ بعدها بأنكَ كنتَ 


تنظرُ إلى الوراءِ وتلوِّحُ لإحدى النساءِ اللاتي كنتَ تعرفهن قبلي ، تمتمتُ كأني مأخوذَةٌ بكَ فأدرتَ وجهَكَ ناحيةً أخرى إمعاناً في إذلالي ، فماذا فعلتُ لكَ ؟ 

فاسمعني جيداً يا أحبَّ الناسِ لي : إنَّ الحبَّ يأتي مَرَّةً واحدَةً في كلِّ عمرٍ وقد أتاكَ ورددتَّهُ ، واحتمَلَكَ وصدَدتَّهُ ، فهل تدركُ ما فعلتَ أيها المغرورُ ؟ ، فاذهبْ وعشْ على أحلامِكَ التي لا تنتهي ، فإن أحببتَ مرَّةً أخرى فاسألْ نفسَكَ هلْ أحببتُ أمْ أردتُّ؟، 

وأبشركَ حينَ تحبُّ فستحبُّ بلا رجاءٍ وتصبو بلا عشقٍ وحينَ تريدُ لنْ تنالَ ما تريدُ لأنَّ لكلِّ 


شيءٍ حسابًا ، ولكلِّ حسابٍ صاحبًا ، فبالله لا تحبني فقدْ أحببتُكَ صيفاً وأنتَ في الصيفِ كفراشٍ لا يعلمُ ما يريدُ ، فتراهُ يحِنُّ للشتاءِ ويسألُ عنِ الربيع ويبكي في الخريفِ ، فأنتَ سيدي في صيفٍ حارٍّ تكادُ تنسى فيهِ كلَّ بردِ الشتاءِ وأزهارَ الربيعِ ، وأبشرُكَ بأنْ لا مطرٌ في الصيفِ فهذا الصيفُ أتى بلا مَطَرٍ .