2021/01/22

اعلامية الشبكة العربية رحاب الدمشقي: تألق الدكتور قاسم القضاة الرائد الفني

 

قدم الدكتور قاسم  القضاة محاضرة رائعة حول أهمية دور المخرج وانه أساس نجاح العمل  الفني .  ضمن سلسلة المحاضرات  التي يقدمها الدكتور قاسم القضاة عبر شبكة الأنترنت حول الإخراج المسرحي 

و الدور الفاعل للمخرج المتميز وأدارت الحوار و النقاش  مع المحاضر الأستاذة  أسماء الحبشي رئيسة اتحاد إعلاميات المصريات ، و شارك في هذه الدورة أستاذة عبير الصالحات رئيسة جمعية بادري الخيرية الأردنية وحضر أيضا خلال محاضرة شخصيات عالمية إيطالية والفنان ينال مصري يلي اسعد حضور بتواجده والأستاذ أياد معني اوبرة والأستاذ قيس رمضان رئيس ملتقى شباب الإعلامي وقد شهدت محاضرة تفاعل كبير بين دكتور قاسم  ، كما شارك في  حضور الدورة  كل من أنس القراله رئيس قسم إذاعة العقبة  والذي يلعب دوراً تمثيلياُ في نفس  الوقت وشارك في مسلسل عيال قحطان . و الفنان و الكاتب و المخرج الكويتي محمد الفهد  ، ومستشار التخطيط الاستراتيجي  و خبير الابتكار في دبي ، و الممثل و المؤلف و المخرج السعودي جميل القحطاني و كذلك نخبة من الفنانين و الإعلاميين    والمذيعين ومن ضمنهم الإعلامي أحمد الكومي  ومخرج القدير مجدي مدير للمسرح القومي ومدير الإعلام والتلفزيون وقناة اللورد وحاليا مدير لقناة ميديا انترناشيونال 

إلي جانب  عدد آخر من المهتمين بالعمل المسرحي 

 كان عنوان المحاضرة  الإخراج الاحترافي   :

 تناولت المحاضرة  مهام المخرج و دوره في  إنجاح العمل حيث  أن المخرج  يتحمل مسؤولية ليست  قليلة عن العرض المسرحي ، فهو المسئول عن اختيار  النص، والممثلين وتمثيلهم المصطنع ، هو المتحدث الرسمي باسم كل العاملين في العمل الفني  ، فعادة ما يكون رأيه هو المرجع قبل أي فنان آخر، المخرج يوجه أي تساؤل حول العرض ، وهو من جانبه يلتزم بالإجابة عنه..، فالمخرج بهذا يحمل مسئولية اجتماعية كبيرة ، لكنه أيضا وفى المقابل يمتلك قدرا اكبر من الحقوق.

يجب أن يكون المخرج شخصا موسوعيا ، يلم بالموسيقى وبالفنون التشكيلية ، وبتقنية  الحقل الفني الذي يعمل فيه ، بل وبقضاياه وأموره التنظيمية ، والإدارية والتكنيكية.

 وبالطبع فان المخرج (الماهر)  لابد له من شيء ما من المعرفة ، ولكن هل تعوض الطاقة الموهبة في حالة غيابها ، أم أنها ـ ودون مواربة ـ وقاحة، هي وقاحة غياب المعرفة المطلوبة لأداء حركة الباليه الصعبة  ، فحتى مع المخيلة المبدعة للحرفي لابد له من وجود "ذاكرة مبدعة "..، 

المخرج يجب يكون لديه  (الموهبة) للإخراج لن يصبح مخرجا جيدا أبدا ، وفى أحسن الأحوال ،والقدرات المكتسبة والموهبة  بعقل واع ، و ثقافة واسعة ، و القدرة على التنظيم ، والقدرة التربوية (كمعلم) .

يمكن مساعدة المخرج الموهوب على اكتشاف موهبته ، ودفعه نحو إيجاد حلول طرفية، مع إبعاده عن الوقوع في الأخطاء الجسيمة ، فهناك بعض القدرات الإخراجية يمكن تدريبها وتطويرها وتعميقها أو توسيع مداركها ، ولكن إذا لم يكن لدى الشخص إذن موسيقية ، فانه أبدا لن يمتلكها، وبالمثل فإذا كان الشخص فاقدا لحس المراقبة (قوة الملاحظة) ، أو عديم الخيال ، أو إذا كان فاقدا لحس الفكاهة ، وللحرارة وللشعور بالإيقاع وما شابه.. وقد ينظر شخص ما إلى تخصصنا هذا من موقع متعال وبالطبع فانه  من المستبعد أن يصدق ادعاءنا بأنه من اصعب التخصصات في العالم.

المخرج وشركاء الإبداع: بافتراض انه لم يكن هناك نزاع حول دور المخرج ، وحول من هو الأحق بالتمييز الممثل أم المخرج ، فان الوقائع الحية نفسها ، أثبتت وبصورة دامغة ، انه وعلى الرغم من أن المؤلف المسرحي هو أساس المسرح ، وان الممثل هو هيكله الرئيسي ، الذي يحمل في ذاته ـ كانسان حي ـ ما هو كامن في جوهر النص المسرحي ، إلا أن قدر المسرح اليوم ومسرح الغد أيضا ، ليتعلق بدرجة كبيرة بالمخرج ، من حيث انه يجمع في يده اليوم كل تلك العناصر التي بدونها لا يمكن أن يكون هناك مسرح.

وقد يتصور البعض أنني أبالغ في تضخيم دور المخرج ، إلا أنني اعتقد أن هذا ليس صحيحا..، فالحياة نفسها أظهرت أن وجود المخرج ، لا يبخس أي فنان آخر حقه، ولا في أي ظرف من الظروف ، لان أي مشكلة إخراجية لن تهم أي إنسان ولن تعنيه إذا لم توجد أصلا، ووسيلتها في الوجود هي بالطبع الممثل الحي.

لذا فالتأكيد على أن الإخراج اليوم هو المشكلة الرئيسية ، ليس تأكيدا ـ بالمرة ـ على تمييز المخرج في مقابل الممثل. وقد تطورت هذه المشكلة بنفسها منذ فترة ، وان كان مازال ، هناك بعض المقالات المتضمنة لنوع من الاستياء تجاه تعاظم دور المخرج .

خصوصية عمل المخرج:ومن وجهة نظري أن الهيكل التنظيمي [ البيروقراطي] لشئون مسارحنا ، مسئول في حدود كبيرة عن أن وظيفة المخرج أصبحت إدارية وتنظيمية اكثر مما هي إبداعية ، ففي أثناء الإعداد للعرض ، يكون علينا أن نستفيد طاقتنا كرجال مسرح في حل المشاكل التنظيمية والإنتاجية ، وهكذا ننفق عبثا القدرة التي منحتنا إياها الطبيعة على التفكير بصورة تركيبية متآلفة ، تلك القدرة التي هي أساس مهنتنا.

  من الضروري أن يكون المخرج قادرا على العمل مع سيكولوجية الممثل ـ الإنسان ، وهو مضطرا إلى هذا ، حتى يمكنه ـ بالاشتراك مع الممثل ومن خلاله ـ أن يوقع الصدى المطلوب في نفوس الجمهور.? وهذا العمل (أي إرسال مشاعره الفنية والإنسانية عبر مشاعر شخص آخر هو الممثل ، لكي تصل إلى شخص ثالث هو المتفرج) هو موضع تناقض وازدواج صعب ، يتطلب واعيا عميقا لسيكولوجية الإنسان وبقدراته الروحية ، فبين المؤلف والجمهور يقف وسيط هو الممثل، هذا الذي بيده أن يقرر المعيار الفني للعرض !

النقد الذاتي:كم هي صعبة القدرة على الاقتناع الداخلي بوجود الخطأ ، دون النظر إلى النتيجة النهائية نجاحا كانت أو فشل..! فمن الصعوبة بمكان أن تستخلص لنفسك ، بنفسك نتائج أو حجج للتصحيح، والصعوبة هنا تنشأ من حب الذات، فدائما ما تتجه بحثا عن أسباب الفشل ، إلى الخارج: إلى الممثلين أو النص الرديء ، أو حتى إلى الجمهور (ففي الأغلب الأعم نحن نبحث عن أمثال هذه المبررات) ، بينما يظل من الصعب أن نضع لأنفسنا كشف حساب عن أخطائنا نحن. وكما يقولون ليس العيب هو اقتراف الخطأ ، وإنما الخطر كله في تكرار نفس الخطأ في المرة التالية ، وهذا يعنى أننا بحاجة إلى إرادة قوية وشجاعة ، لكي ننظر بعيوبنا إلى الحقيقة ـ بأمانة ـ مهما كانت مرارتها ، ذلك لكي نتعلم منها الدرس.

 وهكذا فمن الضروري أن يتشكل لدى المخرج عبر الزمن ، الذي هو عمره ، التجربة الحياتية المستعادة ، واللازم لولادة خطته الجمالية، هذا بخلاف ما هو كائن بالنسبة لغير الموهوبين من المخرجين. على أن هذا لا يمنع من أن يكون فنانا ، موهوبا ، قادرا على إبداع عمل فني حقيقي ، هذا الذي قد لا يتعدى عمره أثنى وعشرين أو ثلاثة وعشرين عاما.

التفكير العملي :حدث لي ذات مرة أن قابلت مخرجا شابا ، راح يحكى لي بصورة رائعة ونموذجية وممتعة عن أسلوب إخراجه لمسرحية ما ، ولكن (إمتاع) مسرحي هذا عندما عرض مسرحيته.!، فكل ما حكى عنه من تصورات ، كان غائبا تماما عن خشبة المسرح.. مؤلم هذا.! مؤلم أن يفكر الإنسان بصورة نموذجية ، ولكن بلا فعل تطبيقي، أي ليس بواسطة المسرح.! فصديقنا يرى كل شيء بصورة أدبية [نظرية] ، لكنه وبالتحديد أمام هذا الذي يجب أن تنفتح عليه عيناه، يصبح أعمى. هذا المثال ليس مصادفة ، إنما هو مرض تقليدي شائع، مرض عدم القدرة على نقل الحلول النظرية الدقيقة والممتعة والنموذجية، عمليا على خشبة المسرح.

كما هو معروف في تاريخ المسرح ، فان وظيفة المخرج كان يقوم بها في الماضي كتاب الدراما والممثلون الكبار، فقد كان كل شيء واضحا ومفهوما.. فلماذا إذن ظهرت ضرورة المخرج.!؟ وكيف ولماذا انتزع المخرج هذه السلطة في المسرح؟

ولندع الإجابة ليقدمها المؤرخون وأصحاب النظريات المسرحية، فهم بالتأكيد سيفعلون هذا افضل منى.. لكن الحقيقة تظل هي الحقيقة.. دخل المخرج إلى المسرح ولم يخرج، أصبح هو الرئيس والمشرف على كل شيء.. والقرن العشرون هو عصر الذرة، وسفن الفضاء، والإنسان الآلي.. وهو أيضا عصر المخرجين !