2021/03/15

إشكالية المرأة العربية بين الواقع و التوقعات هي أولوية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الدكتورة هاجر فالحي مديرة تحرير الشبكة العربية العالمية للاعلام في تونس

مشاركة الشبكة العربية العالمية ضمن فعاليات المؤتمر الدولي المغاربي الأول لمستجدات التنمية المستدامة 


مدير تحرير الشبكة العربية السفيرة الدكتورة هاجر فالحي ممثلة الشبكة في المؤتمر 


بسم الله الرحمن الرحيم 

سيداتي سادتي يسعدني و أتشرف

أصالة عن نفسي هاجر فالحي مدير تحرير الشبكة العربية بتونس ونيابة عن أسرة الشبكة العربية العالمية للإعلام و على رأسها الدكتور محمد الحاج ديب رئيس و مدير عام الشبكة و رئيس سفراء الاعلام العربي في الشرق الأوسط أن نتقدم بجزيل الشكر لكافة القائمين على المؤتمر الدولي المغاربي الأول لمستجدات التنمية المستدامة و نتمنى لكم اقامة طيبة في تونس مكللة بالنجاح و التوفيق لهذا المؤتمر الذي تشرفنا بالمشاركة ضمن فعالياته ...

سيداتي الفضليات سادتي الأفاضل

لئن كانت الاهداف التي ترمي الى تحقيقها خطة الامم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة شاملة و مترابطة و متداخلة فيما بينها من اجل الوصول الى تحقيق الرفاهية المأمولة و السلام و العدالة الاجتماعية و الرقي الاقتصادي و تحسين الحياة على الكوكب و بشكل مستدام ،فإن تناول الاهداف جميعا من اجل شرح الواقع و التأسيس للمأمول يبدو امرا صعبا ... لذلك ارتأيت ان اقتصر على الهدف الخامس من اهداف التنمية المستدامة  و هو المساواة بين الجنسين و القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء والفتيات حيث

تُشّكل قضايا المرأة في العالم محورا استراتيجيا وحقوقيا مُتعدّد الاهتمامات والاطروحات، إذ يُنظر لقضيّتها بعين التوجس والايديولوجيات التي تعتمدها شتى المجتمعات لتعكس سلوكيات الدول وشعوبها في جوانب الحياة المختلفة.

و حق المساواة و انصاف المرأة لا يمثل حقا أساسيا من حقوق الإنسان فحسب، بل هو أيضا عامل حاسم في التعجيل بتحقيق التنمية المستدامة... وقد ثبت مرارا وتكرارا أن تمكين النساء والفتيات له أثر مضاعف، ويساعد على دفع النمو الاقتصادي والتنمية في جميع المجالات...

إن النساء والفتيات يمثلن نصف سكان العالم و بالتالي نصف

إمكانياته ايضا ..اكثر من 50 دولة على الاقل لها قانون تمييزي ضد النساء حسب احصاءات البنك الدولي 

في جميع الصناعات فقط 9% من النساء في مراكز القرار..

في المتوسط لا تزال المرأة في سوق العمل على المستوى العالمي تكسب اقل مما يكسبه الرجل بنسبة 24%

على الصعيد العالمي تتزوج قرابة 15 مليون فتاة 

دون سن 18 سنة

و لا زالت التجاوزات في حقها متواصلة بتواصل ممارسة العنف الذي تتعرض له المرأة ان كان عنفا جسديا (مثل الضرب الخفيف، الضرب المبرح، القتل)، 

 عنفا نفسيا (مثل منع الضحية من رؤية الأهل أو الاصدقاء، الحبس)

 عنفا لفظيا (مثل الاهانات الدائمة، الشتائم)  عنفا جنسيا (الاعتداءات الجنسية بكافة أنواعها مثل الاغتصاب والتحرش) 

 عنفا اقتصاديا (كمنع المرأة من العمل، منع المرأة من اكمال تعليمها.. التأجير المنخفض المهين لكرامتها).

كل المؤشرات اذن تحيلنا الى واقع يبدو دون المأمول بالنسبة المرأة بل سيئا في كل انحاء العالم و في المنطقة العربية على وجه الخصوص و هي التي سأتناولها بالدرس ... 


انطلاقا من دراسة للامم المتحدة تكشف لنا جليّا بالارقام و النسب وضع المرأة فإن النساء في المنطقة العربية يواجهن عوائق كبيرة أمام دخول سوق العمل، ويتعرضن لخطر البطالة بشكل أكبر بكثير مقارنة بالرجال. وعلى الرغم من أن معدل البطالة بين النساء شهد انخفاضا بطيئا على مدى السنوات الـخمسة عشر الماضية من 22.4 في المائة في عام 2000 إلى 19.96 في المائة في عام 2015، فإن معدل البطالة بين النساء يزيد على ضعف معدل البطالة بين الرجال في المنطقة والذي يبلغ 8.96 في المائة، وثلاثة أضعاف المعدل العالمي الذي يبلغ 6.2 في المائة، في العام نفسه. 

وفيما بين النساء الشابات، تعتبر معدلات البطالة الأعلى في العالم، إذ تقارب من ضعف مثيلاتها بين الشباب الذكور—48%  مقابل 23 في المائة، على التوالي مقارنة بـ 16و13 في المائة عالمياً.

كذلك فإن العنف والاستغلال الجنسيان، والعبء غير المتكافئ للعمل المنزلي والعمل في مجال الرعاية غير مدفوعة الأجر، والتمييز في المناصب العامة، تظل كلها حواجز ضخمة في سبيل تحقيق المساواة بين الجنسين.

ولا يمكن تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة والساعي لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات دون حقوق متساوية في الموارد الاقتصادية مثل الأرض والممتلكات للمرأة، أو دون ضمان حصول الجميع على خدمات جيدة للصحة الجنسية و الإنجابية التي لازالت تشكو عديد النقائص.. 

كذلك فإنه على الرغم من وجود عدد أكبر من النساء في المناصب العامة اليوم اكثر من أي وقت مضى،فإنه لا يمكن تحقيق المزيد من المساواة بين الجنسين دون تعزيز السياسات والتشريعات التي تشجع على تقلد النساء مناصب قيادية...و دون التخلص من كل اشكال العنف ضد المرأة الذي لا يزال متفشيا 

و أنواع العنف التي تتعرض له 35% من النساء حول العالم خلال دورة حياتهن حسب هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women) وقع تصنيفه على النحو العمري عبر مراحل حياتها فهناك عنف قبل الولادة و يتمثل في إجهاض الاناث والإبقاء على الجنين الذكر، و استخدام وسائل لتحديد واختيار الأطفال الذكور...فعنف اثناء الطفولةو يتمثل في إهمال تغذيتهن وصحتهن،و  حرمان البنات من التعليم وارسال الذكور للمدارس، و ختان الاناث، و التجارة بالبشر، و الزواج المبكر، و زواج الأطفال، و العنف الجسدي والجنسي والنفسي والاقتصادي...ثم عنف المراهقة و البلوغ متمثلا في الزواج المبكر، زواج الأطفال، تجارة البشر ايضا، الاجبار على الدعارة، جرائم الشرف، العنف الاقتصادي والنفسي والجنسي والجسدي من الشريك، التحرش الجنسي في الأماكن العامة...

و اخيرا عنف كبار السن المتمثل في العنف الاقتصادي،و اهمال و تعنيف النساء كبيرات السن.

و هنا وجب التأكيد على أن الذكور ايضا يتعرضون للعنف لكن نسبتهم مقارنة بالنساء قليلة وهو ما يجعل التركيز الدائم للجهود هو تقليل العنف ضد النساء

فأنواع الظلم الاجتماعي والاقتصادي قد وقعت على كاهل الرجل كما هو على كاهل المرأة، لكن الأخيرة عانت أكثر واقع التهميش والاستغلال، فهي تعاني من الاقصاء وتتراكم الكثير من الجرائم الفردية والمُجتمعية فوق كاهلها، كما تتعرّض أيضا الى العنف والنظرة الدٌونيّة في الأسرة نفسها، والذي يتفجرّ أكثر لأسباب اقتصادية واجتماعية...

و وضع المرأة في الوطن العربي سواء في المشرق أو المغرب العربي متشابه حيث تسعى الحركات النسوية الى التوعية من اجل مقاومة نفس الموروث و مواجهة نفس التحديات من اجل تحقيق واقع افضل حيث تطالب ناشطات سعوديات بقوانين للنهوض بالمرأة المحرومة من عدة حقوق و بسن قوانين لمكافحة التحرّش بالمرأة والطفل أيضا أما في سورية فإن الأزمة طيلة السنوات الماضية و الى اليوم جعلت المرأة عرضة للاختفاء القسري والقتل و التهجير.. حيث لا يزال الوعي الفكري والديني والثقافي في المنطقة ضحلا لا يتغيّر، و التوجّه الإقصائي نحو المرأة لا يزال موجودا ..

أما في العراق، فحالات الطلاق في تزايد و يعود سببها إلى فقدان الاستقلال الإقتصادي و الإجتماعي. وقد عانت العراقيات بمختلف الطوائف ويلات الحرب، من اعتداءات جنسية وجسدية ارتكبتها قوى الإرهاب وأصبح البعض منهنّ سبايا تحت سقف ما يُسمّى بداعش ولم تسلم من قبضته إلى الآن، إضافة إلى اغتيالات متكرّرة بحق نساء رائدات في شتى  المجالات الفكريّة والثقافيّة والفنّية خصوصا في الحقبة الأخيرة...

لقد أضحت المرأة العربية في هذه المرحلة الجديدة، مُهمشة أكثر فكريّا ومُستغلة جسديّا، وتعاني الأمرين في ظل التوتّر القائم والنزاعات القومية، وبسبب التطرّف الديني الزاحف بقوة، لتتراكم أبشع الجرائم الفردية والمُجتمعية فوق كاهلها، إضافة إلى الزجّ بها (مُرغمة او مٌقنتعة) في الانتهاكات الإنسانية وارتكاب جرائم إرهابية بسبب التشويه الحاصل في الشقّ العقائدي...

و أما في تونس و رغم مرور 64 عاما على سنّ "مجلة الأحوال الشخصية" بما تُمثّله من دستور مدني اعتبره العديد ثورة في التشريع و المجتمع  حققت المرأة من خلالها مكاسب متنوعة، غير أن هذا لم يمنع وجود فئات نسوية مُهمشة و مضطهدة، فالمجتمع التونسي مقسّم بين فئة مُثقفة و مُنفتحة طغت عليها طموحات المساواة في الشغل و الشأن العامّ مع الرجل و مَعنيّة بالتكافؤ الحقيقي للفرص و المناصب حتى السياسية منها، و فئة نسويّة أخرى فاقدة لهاته الحقوق و محرومة من أبسط مُقومات العيش الكريم، ممّا يزيد في هوّة المساواة بين المرأة و الأخرى، إضافة إلى المساواة بين المرأة و الرجل...

و لئن تطوّر مسار حقوق المرأة التونسية و اتبّع منحى إيجابيا في مجمله منذ الاستقلال، فإنه سار أيضا في عدة انحرافات خطيرة هددّت في عديد الحالات الخليّة الأساسية في المجتمع و هي الأسرة، عبر انتشار ظاهرة الطلاق و نسبة الجريمة و مطبّات لا أخلاقية للأسف لها عديد المسببات..

و لا يمكن لنا ان نمر دون أن نُعرّج على قضيّة أساسية بدأت تفتِك بالمرأة التونسية وتتوغّل خصوصا في فئة من القاصرات غير الواعيات لسهولة استقطابهن، و ذلك بتسفيرهّن إلى بؤر التوتر و الزجّ بهنّ في صراعات إقليميّة، ضمن الانتماء إلى الجماعات الإرهابية المُتطرفة و استغلالهنّ في نشر ثقافة الموت و أيضا في "جهاد النكاح" هذا المُصطلح الغريب حتى عن التشريع الإسلامي... 


هنا نتساءل عن التحديات التي تواجه جهود تمكين المرأة من حقوقها واندماجها الكامل في المجتمع و سقف الطموحات التي تسعى المرأة العربية لتحقيقها في ظل القوانين والثقافة المُجتعية السائدة وأيضا في ظل المُستجدات العالمية؟

و كيف لنا أن نأمل بتحقيق هدف الأمم المتحدة الخامس سنة 2030 بمناصفة كوكب الأرض ما بين الجنسين كما حددته؟


لئن قدّر البعض بأن طموح الأمم المتحدة في تحقيق هذا الهدف صعب للغاية و يحتاج إلى الكثير من الجهود للقضاء على أنواع كثيرة من الاستغلال والتمييز والعنف، خاصة في ظلّ المُستجّدات التي مرّ بها العالم العربي والسُلوكيّات الوافدة من بؤر الحروب والتطاحن السياسي في المنطقة التي طالها ما يسمى الربيع العربي...فإن مجرد الإعتراف بقضية المرأة كقضية عادلة يعني الرغبة الحقيقية في النهوض بالمجتمع و الوطن في كل مجالات التنمية و يؤكد على أن لا رقيّ دون دور المرأة لذلك توجبت الإستفادة من مختلف الوسائل و الإمكانيات فى سبيل نشر الوعى بموقع المرأة و تفعيل دورها فى مسيرة التنمية المستدامة بجميع أنواعها ..

و نشر الوعي من اجل تغيير الواقع ليس بالأمر الصعب و هو أساس البناء بناء الانسان هذه الغاية الأسمى التي من خلالها يمكن تغيير مسار تاريخي مهين للمرأة كإنسان لها حقوق و استحقاقات لابد من دعمها و النهوض بها بصفة مستدامة 

و نشر الوعي قد يكون عبر ورشات عمل و حملات يقوم بها سفراء و مدربو التنمية المستدامة في جميع أنحاء الوطن العربي و العمل على تحدي جميع العراقيل من اجل الوصول الى رفع الوعي المجتمعي بقضايا العنف القائم على النوع و طرق مناهضتها و التعاون مع المؤسسات الحكومية و معاضدة مجهودات الدولة في هذا المجال لننمي القدرات في مجال قضايا النوع....

و الهدف الأول هو تبصير المواطنين المستفيدين من التدريب بالعنف القائم على أساس النوع، اما الهدف الثاني فهو الحد من العنف مثل الزواج المبكر و الإجباري و العنف الأسري و الختان كما هو الحال في بعض الدول العربية كمصر و السودان ، و كيفية التعامل مع ضحايا العنف

فنحن حين ندرب الناس لنشر الوعي وخاصة في الأمور المتعلقة بالنوع الاجتماعي ذلك لأنها من أكثر المشاكل التي تواجه المجتمع تعقيدا و بالتالي نعالج الكثير من المشاكل الأخرى بذلك الجهد.. وبتدريب جميع الفئات المجتمعية  ندفعهم الى مسار طموح من خلاله  يصبحون رسلا لحقوق الإنسان ينشرون الوعي وسط المجتمع ...كغاية أشمل 

هذا العمل على نشر الوعي من خلال الورشات قد يتيح لعدد كبير من النساء سواء مضطهدات أو ممثلات المجتمع المدني أو ذوات الاحتياجات الخاصة فرصة للعمل معاً وتوحيد أصواتهن لوضع حد لأعمال العنف ضد النوع وخاصة المرأة والطفل في مجتمعاتهنّ و يكون لها بالتالي الأثر الأكبر في توعية الرجال والنساء بضرورة المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات من اجل مجتمع معافى ..

من ناحية اخرى وكي تتمتع المرأة بقدر مهم من المشاركة في الحياة السياسية  يجب أن نضع في حسباننا عدة اعتبارات مهمة منها.

الاعتبار التعليمي والثقافي حيث يتوجب علينا الاهتمام بقضية تعليم المرأة، وتوعيتها، بأن تدرس، و تتعلم، حتى تحصل على أعلى الدرجات العلمية، وألا تكتف بالقراءة، والكتابة فقط، أو الاكتفاء بدرجة دنيا من التعليم، ثم يبدأ التأثير عليها، من خلال إغراءات سيتضح وهمها، وزيفها، وكذبها، فيما بعد، لإخضاعها لفكرة الزواج في سن مبكرة، رغم خطورة هذا الأمر على صحتها العامة، وحتى على صحتها الإنجابية بوجه خاص.

فهناك العديد من البنات اللاتي لم يتمكن من استكمال مسيرتهن التعليمية، بسبب الزواج المبكر، والدخول في دائرة المشكلات المجتمعية، والأسرية، مما يحول بينهن وبين صفاء الذهن، والفكر، لإستكمال المشوار التعليمي.

فقضية تعليم المرأة تُعد من القضايا الرئيسية، في عملية التنمية بوجه عام، وليس في مجال التنمية السياسية فقط، ولذلك حرصت المواثيق الدولية، والصكوك الحقوقية، والدساتير الوطنية، على تدعيم الحق في التعليم، وترسيخه، وتعزيزه، لأن العلم هو أساس تقدم الشعوب.

و لذلك يتعين على المؤسسات الوطنية، ومنظمات المجتمع المدني، أن تقوم بدور فعال، في نشر الوعي بأهمية مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وإتاحة الفرص المتكافئة في طريقها، كي يتم تمكينها، وتدعيمها، ومساندتها في المشاركة في الحياة العامة، وصناعة القرار، وخاصة في ظل قدرتها، وتمتعها، بالعديد من الإمكانيات، في المساهمة في وضع الخطط، والاستراتيجيات، التي توفر حلولا للمشكلات، ولمعظم القضايا المجتمعية.

ثم من ناحية الجانب التشريعي حيث يجب إعداد و سن تشريعات تعزز تمثيل المرأة في البرلمان، و في المجالس النيابية، و البلدية و ألا تكون هذه التشريعات مؤقتة بفترة زمنية معينة، بحجة إعطاء الفرصة لتمكين المرأة، ومساعدتها في الاندماج في الحياة السياسية..  

اما من ناحية الجانب التنفيذي فيجب على السلطة التنفيذية في اي دولة من دولنا العربية، أن تُتيح للمرأة فرص المشاركة في الحياة العامة بشكل عام، و في الحياة السياسية بشكل خاص، بما يحقق تعزيز دورها في المساهمة في الشأن العام، من خلال مشاريع قوانين تقدمها الحكومات إلى البرلمان، والتي يجب أن تضمن تمثيل المرأة في الحياة السياسية، ومن خلال تقليدها المناصب العامة القيادية، ايمانا بقدرتها على العطاء بإقتدار لصالح الوطن .. 

وينبغي ألا يكون إهتمام الحكومات بالمرأة حبيس الدراسات النظرية فقط، بل يجب أن يدل الواقع دلالة قاطعة على قيام هذه الحكومات، بتمكين المرأة بالفعل، وإعطائها حقها، في المشاركة في صنع القرار، وعدم استبعادها من المشهد العام..

و أخيرا الجانب الاجتماعي الذي يضع عاتق المسؤولية المجتمعية على الجميع و هي مسؤولية مهمة لدرجة كبيرة، حيث يجب الإعتراف بدور المرأة الرائد في العمل التنموي بصفة عامة، و في الحياة السياسية بصفة خاصة، وأن نعمل على ترك العادات، والموروثات الخاطئة جانبا، بهدف توسيع دائرة المشاركة السياسية بين كافة فئات المجتمع، وأن يكون للرجال والسيدات مكانا مهما في هذه الدائرة، لتبادل الرؤى، و الأفكار، التي تخدم قضايا الحقوق و الحريات، والمصلحة العامة للوطن.

و خاصة منظمات المجتمع المدني، التي ينبغي عليها أن تلعب دورا حقيقيا، و ملموسا، بعيدا عن مجرد التوثيق بالصور، و المستندات، لإرضاء بعض الهيئات الدولية، بغض النظر عن تحقيق مصالح الشعوب

ولن يكون دور هذه المنظمات ملموساً، وعملياً، إلا من خلال حملات التوعية المستمرة، وخاصة للرجال، بأن يؤمنوا بدور المرأة، وألا يتم حصر دورها في النطاق الأسري، وأن التاريخ يشهد بجدارة المرأة، و مكانتها، و قدرتها، على القيادة، و العطاء المستمر... و على المرأة نفسها، أن تتوفر لديها بالفعل الإرادة السياسية، وأن يكون مبدأ سلطان الإرادة السياسية، هو الحاكم لتصرفاتها، وهو الذي يدفعها إلى المشاركة في الحياة السياسية، وأن ترفض عدم انخراط بعض النساء في الشأن العام، وأن يتم تشجيعهن على الدخول في دائرة العمل السياسي، سواء بالتصويت في الانتخابات، أو بالترشيح للمجالس النيابية، والبلدية، أو السعي إلى تقلد المناصب العامة، ليكون لهن دوراً فعالاً، ومكاناً مهماً على خارطة الحياة السياسية، وفي صناعة القرار، من أجل بناء الوطن...


هكذا اذن بتكريس الوعي و العمل جديا و بتظافر كل الجهود و من جميع الاطراف الفاعلة التي بامكانها التغيير نستطيع ان نؤسس واقعا مختلفا عما نعيشه اليوم خاصة اذا ٱمنّا بأن

لا صلاح لمجتمع نصفه مهمش و مضطهد ...و لا نجاح لبقية اهداف التنمية المستدامة في تحقيق الرفاه و السلام ان اغفلنا النهوض بواقع المرأة و تحقيق المساواة الفعلية بين الجنسين و القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة .