2016/04/23

بغياب المحاسبة تتفاقم الأخطاء والسرقات والمغالطات

 
بغياب المحاسبة تتفاقم الأخطاء والسرقات والمغالطات


محاضرة للناقد أديب مخزوم
بدعوة من المركز الثقافي العربي في أبو رمانة 
بدمشق، ألقى الزميل الفنان والناقد التشكيلي أديب مخزوم على منبر المحاضرات بالمركز،محاضرة تحت عنوان : إشكاليات الفن وأخطاء النقد ، ، سلط من خلالها الضوء على بعض الأخطاء والمغالطات والمفارقات الحادة ، التي تتكرس في كتابات وأحاديث الفنانين والنقاد والمتابعين، مؤكداً ان النقد الجاد في تفرعاته وتشعباته وعناصرة، ليس له ضفاف أو فواصل أو حدود، وأبعد بكثير من أن يكون مجرد تحديد نقاط القوة والضعف في العمل الفني، فهناك النقد التعريفي، ولو كان غير موجود، كما يدعون، لكنا في صحراء ثقافية، وهناك النقد التصويبي، والنقد التحليلي ولولا وجود الأخير، لما استطعنا التمييز بين من يكتب نقد عام ينطبق على كل فنان، في كل زمان ومكان ، وبين من يوضح خصوصيات كل تجربة فنية على حدة . 
--------  غياب المتابعة والمساءلة والمحاسبة -------
ووضح أن النظرة التقليدية والضيقة والمحدودة والمؤطرة إلى النقد ، اساءت إليه ، وقوضت أو حدت من قوته وفعاليته وحضوره ، وأوصلتنا في نهاية المطاف، إلى المزيد من التعقيد والتقوقع والجهل، والاستمرار في اطلاق العبارات الجاهزة والمستهلكة والبائدة ، والتي يتحدث أصحابها عن غياب النقد، دون ان تتوفر لديهم القدرة، في حدودها الدنيا للإحاطة بماهية النقد ، كما تطرق المحاضر الى العديد من الأخطاء الموجودة في بعض الكتب المتخصصة بالفن التشكيلي، ومن ضمنها لوحات ومنحوتات، منشورة في صفحات كاملة، ومنسوبة لغير أصحابها، منوهاً إلى أن غياب المتابعة والمساءلة والمحاسبة، أدت إلى تفاقم هذه الفوضى وهذه اللامبالاة و هذه الأخطاء ، التي باتت مهيأة للانتقال الى الكتب القادمة والمقالات والبرامج والاطروحات وغيرها، كونها أصبحت مراجع في أيدي الباحثين والدارسين . كما طرح تساؤلات، عن الجدوى من صدور قانون حماية حقوق المؤلف، اذا كانت بعض مؤسساتنا الإعلامية والثقافية تحتفي بشكل يومي بالسارقين والفاسدين والمقصرين ، وتمنح بعضهم أرفع الأوسمة وشهادات التقدير . 
وقدم وثائق عن بعض النصوص النقدية المسروقة، بالحرف والنقطة والفاصلة، والمنسوبة لغير أصحابها، والتي تؤكد الى أن السرقة فيها موصوفة، ويعاقب عليها القانون في دول العالم ،على الأقل بالتعويض المالي، لاسيما وان بعض الأدعياء ، ينسبون نصوص الآخرين لهم ، ويضعون مقالاتهم في إطار الحقوق المحفوظة لدار الطباعة والنشر، التي اصدرت تلك الكتب المسروقة ، حتى انهم يوقعون إهداءاتهم في مقدمة تلك الكتب بعبارة ( المؤلف ). مع التنويه الى أن بعض المسؤوليين الثقافيين، الذين يحتفون بالفاسدين والسارقين، في بعض الصحف والمجلات الثقافية ، لايعلمون انهم يكرمون أصحاب كتب مسروقة ، مايعني أن أصحاب الكتب المسروقة بكامل صفحاتها، أو بأجزاء منها، يتحملون في البداية والنهاية،العواقب المعنوية والمادية، الناتجة عن استسهال العمل الإبداعي والفكري، والتعامل مع مقالات الأخرين، وكأنها نصوصهم وثمرة بحثهم وجهدهم وسهرهم ووقتهم. مرت ايضاً، ولم يتصد لها أحد، الشيء الذي يطرح لائحة من الاتهامات، ويساهم في إيجاد المزيد من الإحباط والشحوب والقلق والاضطراب والتوتر، في حركتنا الفنية والثقافية، حيث ظهرت (وخاصة في العقد الأخير) محاولات نقدية تزويرية بالغة الخطورة والتشويه والتي تمر في كل مرة , في صحافتنا دون أن يتصدى لها احد , حتى المعنيين من النقاد المتخصصين , لا يقرؤون ليتاح لهم الرد والقيام بالخطوات القادرة على إثارة الجدل وجذب جمهور القراء. هذه الحقيقة تطرح لائحة من الاتهامات وتساهم في إيجاد المزيد من الإحباط والشحوب في حركتنا الثقافية، التي لم تجد بعد خطها التصاعدي، في النمو والتفرع والتفاعل، والإشارة بالتالي إلى إمكانيات الخطأ والصواب . ومما قاله: قد تكون الكتابات الصحافية، التي تتناول العلاقة الجدلي المتبادلة والمتداخلة، بين الوعي والانفعال في اللوحة الفنية الحديثة والمعاصرة، من أكثر الكتابات عرضة للاجتهادات المزاجية واللامبالية ، فالحالة النفسية التي يعيشها الفنان أثناء انجاز اللوحة، تترك أثرها الواضح، على حركة الألوان والخطوط والتشكيلات الحديثة. الا أن قراءة هذا الاثر النفسي غالباً ما يؤدي الى منزلقات تأويلية خاطئة، تتكرر في معظم الكتابات والاقوال التي تتناول هذه الناحية.

وأضاف : العمل الفني الإبداعي الحديث ليس مجرد تسلية وتمضية فراغ، وإنما هو رحلة أو نزهة اكتشاف يومية، ومتعة استرسال في رحاب الخط التصاعدي الأسلوبي، الذي يؤكد حيوية الموهبة، وقدرتها على فتح آفاق تعبيرية جديدة في واحة ثقافة وفنون العصر. ولقد تعززت وترسخت في الحياة الثقافية المعاصرة ثقافة الأسلوب، وأصبح المساس بها، مهما بلغت المغريات اللااسلوبية، خطراً واتهاماً يضع التجربة الفنية في دائرة الالتباس والضعف والانفصام، ويضفي نوعاً من القساوة على تعابير الحالة العاطفية الانفعالية، ويعرض صاحب العمل الفني والأدبي للانتقاد والانتقاص والتشكيك، بحجة الارتباك والركاكة والاضطراب والضياع والانقسام ..
وعلى الرغم من الضجة الإعلامية الواسعة، التي أثيرت ولا تزال تثار، حول لوحة قديمة موقعة باسم توفيق طارق، تحت عنوان: أبو عبد الله الصغير، والتي هي في الاساس منسوخة عن لوحة استشراقية لبول بوشار, بطريقة أثارت فضيحة، فإن اللوحة المنسوخة لاتزال تنشر في الكتب والمجلات والصحف ومواقع الإنترنت، على انها من إبداع توفيق طارق .
 
و "الوحوش الجدد" مصطلح فني يشكل أمتداداً للمدرسة الوحشية في الرسم ، والتي تكرست في العالم أجمع، بعد سلسة المعارض واللوحات، التي قدمها بعض رموز هذا الاتجاه من أمثال ماتيس وفلامنك وغوغان ودوفي وغيرهم . ومن هذا المنطلق لاعلاقة لهذا التعبيربالمعنى المباشر الذي توحي به العبارة، والذي يوجه مخيلة القاريء، إلى مايحدث في عالمنا الراهن، من ويلات وفواجع ناتجة عن ممارسات البرابرة أو الوحوش الجدد . وبالرغم من أن استخدامه يعطي التجربة دلالات ايجابية ، فإن الاعتقاد العام ، يكمن في النظر إليه بسلبية، وهنا يبرز الاشكال الذي يطرحه هذا المصطلح . فحين نقول عن فنان تشكيلي، انه في صياغاته الفنية، ينتمي إلى الوحوش الجدد، فهذا يعني أنه يعالج الأشكال بضربات لونية عنيفة وصارخة وصريحة وزاهية ومباشرة، تماماً كما فعل كبار رموز المدرسة الوحشية في الرسم . 
وقد يكون مصطلح (الفن التصويري) من أكثر المصطلحات الفنية التشكيلية العربية التباساً، لكونه يوجه مخيلة القراء مباشرة إلى فن التصوير الضوئي أو الفوتوغرافي، مع العلم أن عبارة (تصوير) في الفن التشكيلي تعني الرسم بتقنياته ووسائله وأساليبه المختلفة حتى إن اللوحة التجريدية التي تتشكل من عدة ضربات أو بقع لونية تدرج في إطار الفن التصويري للمدرسة .