2016/12/15

الرئيس بري مابين الفكر المقاوم والفكر السياسي ميدان وبرلمان


shadow

بقلم الدكتور :محمد قاتصو 

الرئيس نبيه بري  ما بين الفكر المقاوم _والفكر السياسي “ميدان_ وبرلمان”..


من الامور التي لا يمكن للبعض التأقلم  معها موضوع الفن في ممارسة السياسة ، والتي هي من مرتكزات النشاط السياسي ..

فمنهم من يمارس السياسة  بالانقلاب على الواقع السياسي ..ومنهم من يواظب على إبقاء المجتمع على  ما هو عليه ، فلا استنهاض للواقع  من واقعه ، او الأخذ بالظروف والسعي خلف الحوار المطلوب .. .ومنهم من يعمل على التغيير المستمر وفي كل مرحلة  مفاصل سياسية تحمل عنوان  “التغيير “..

 لكن يبقى للمجتمع  صورة واضحة  “للتعبير “عن كل زمان ومكان ومرحلة …
وبالحديث عن دولة الرئيس نبيه  بري أنه رجل السياسة الأول المواظب  على الوحدة الجامعة،  لم يفرق يوما بين حزبه ودولته ..ولم يفضل التحزب على الوطن..ولا القانون عن سيادة الدستور …

آمن بالوطن عقيدة ومعتقد،  سيادة ودستور … …شهد دوره لمسات خصبة بالتحاور مع الاحزاب ، ومع كافة المحاور والأطراف والاقطاب ، لعب  دوره داخلا وخارجا وعلى صعيد الجامعة العربية ، والبرلمانات  العالمية والدولية،  واحترام القانون الدولي…

تعرفه الضاحية الجنوبية  وبيروت الكبرى وساحات الجنوب والقمة العربية ومؤتمرات جينيف ..رجل على مستوى عربي وعالمي  وجامعي يخوض في الواقع السياسي ..لم يحصر نفسه  على فئة حزبية انما كان سعيه وطني وعالمي واممي ..جامعا ، موحدا ،  يتفوق بلغة التواصل ،  ليس بمنقطع عن المواطنة ، هويته وطنية بامتياز  ،ليس بممانع شرس …أو بمنعزل منقطع …
هذا الانسان الذي اعد نفسه ببرامج عمل  كاملة متكاملة،  للسهر على الوحدة الوطنية  ، لا يتعصب في وجه الحلول او ينغلق في   طرحه… فشعارة “السلة”… “والتدوير” …
هو المسبحة  الوطنية إذا تفككت ، تفككت  معها لغة الحوار  وشخصية المحاور  بين الأحزاب الداخلية  او العلاقات الخارجية كي لا نعود الى  التصنيف الاخطر ، والقتل على الهوية  واستبعاد الدم والانتماء والعزل ، والانتفاضة على العقول..
الرئيس بري جمع الاحزاب الوطنية من خلال الحوار وكان اخرها  رعاية الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله ، وجامع الاقطاب والخصوم ، مع  العلماني ،والجهادي ،والقومي، والبرلماني والديمقراطي،  في سلة واحدة يمارس السياسة من باب الفن  في ممارسة السياسة  ، تغلبه الحكمة  والرأي  فالوطن  عنده يعلو بسيادته فوق الجميع……
وبالحديث عن مرحلة سابقة من تاريخ  لبنان حيث تصدر  اسم لبنان   كل عنوان و كل صحيفة ، وحيث كانت لغة التآمر الخارجية التي اغرفت لبنان بسجلات طويلة تاثيرها على الوطن  والتي كانت عبارة عن معارك” وصراعات للدول الخاجية  على أرضنا ، والتي دفعت كل محور لبناني ان  يبحث  عن “قائد ” ملهم  يحمي به وجه طائفته ..
شق الرئيس بري طريقه وخرج من قلب” الجمهور ” وصميمه ليكون صمامه الأمامي  ..كأول قائد مقاوم  في مدرسة الأمام المغيب  الإمام والقائد موسى الصدر  الذي حمل راية المقاومة والانسان..

  جاء الرئيس بري من مدرسة الصدر ،بعد ان   تعمق بفكر الإمامة والسماحة وشعر باقتراب الخطر الذي طالما تحدث عنه سماحة الإمام القائد موسى الصدر ….ولعل  الرئيس نبيه بري “فهم”  بالحرف الواحد ما خاض به فكر الإمام  فدرس في الواقع، والمرحلة ، والمستقبل …
لكن الأهم في ذلك إذا راى  البعض أن الإمام المغيب كان سماحة وعلامة وإمامة اي حمل المفهوم والطابع الديني  … فإن دولة الرئيس نبيه بري  خرج من الشعب  ..

 فالاشارة تلك لا تدل على ان ميثاق حركة أمل حركة  انتقل من تشخيص ديني إلى تشخيص حزبي،  بل يدل أكثر إن حركة أمل التي تبحث عن “قائد سياسي ” يحمل فكر الإمام  وجدت ذلك بالرئيس نبيه بري  فسمته ” القائد” لتستمر “أمل”  ..
بالواقع ليس أمل المحرومة ، بل  الواقع  كان هناك  طائفة مهمشة ومعزولة انتسب اليها الشعب ، وسميت حركة المحرومين ” أمل  …”..
فالرئيس نبيه بري  سماحة بالفكر” المقاوم ” وسماحة في” تبني” القضية ..وسماحة في فهم” العقيدة الصدرية”   التي نصها سماحة الإمام المغيب موسى الصدر..

 فباتت حركة أمل الحركة المحرومة  غنية بالقائد ” المقاوم ” نبيه بري ليحمل عقيدة الصدر وعقيدة السماحة متسلحا بالقانون  من خلال خوضه في دراسة القانون …
وبالعودة إلى فكر الإمام موسى الصدر حين أعد ميثاق حركة أمل  كانت البلاد تنعم بالاستقرار ، وقد  شعر  باقتراب الجمرة التي سوف تلتهب الواقع السياسي في لبنان وتشعله… 
وشاء القدر أن تطال يد السفاح حضور الإمام  لتغتال فكره وتحيله إلى قضية غيبية …شكلت صدمة لكل من رأى في سماحة الامام موسى الصدر وجها  للخلاص…
وبغياب الإمام الصدر  وقفت حركة أمل على مشارف الواقع   فمن أين يكون باب  العبور  إلى الدولة ؟..

فلاح وجه النبيه في تيه الواقع شجاعا في عمق خضم الواقع السياسي رافضا للتطبيع والتوطين فكان  ال 17 من أيار في وجه التقسيم والعزل الشيعي والتهميش  ..ولمعت ثوابته الرئيسة الثلاث : اولها المقاومة …والوحدة الوطنية ..وحماية الوجود المسيحي ففي  6 شباط وعلى أثر الجريمة التي نزلت “بال حداد ” شعر الرئيس بري بالخطر الذي  راح يداهم الوجود المسيحي ويهدده في الشرق ويهدد معه ما تبقى من أحلام  السلم الأهلي  وان لبنان بلا الوجود المسيحي لا مقر له في خانة  التعايش والسلم والبقاء..

 وفي  الثابت الأخير كان الإصلاح والعدالة الإجتماعية..
لا ننسى حركة امل حين  خرجت للدفاع عن الوطن وتحرير الانسان ،  فكان للزيت المغلي دروسه  في وجه العدو الغاصب  وزوال الاحتلال ، ومن كوادره زفت الأبطال والشهداء فكان للمقاومة رسولها،  هو  النبيه  الذي عشق الارض ،فخاض في دروس المقاومة  فالوطنية والقومية  والتراب قضيته…الشعب الذي لا يقاوم عدوه يموت تحت أقدام العدو  فيقطعه بأسنانه وأنيابه ….
هو الذي أوجد حق الدفاع المشروع عن النفس والإنسانية ، وظل مواظبا في تحرير الأرض وتحقيق المطلب  لغاية إجتماع الطائف المبادرة الأولى لخلاص لبنان من الحرب الأهلية والإنسانية  ..ومن هناك ومن الطائف أزال الحرمان عن طائفة همشت حقوقها ومطالبها ..  فلبنان بلا طوائفه لا محل لصيغة العيش المشترك ..ومن الطائف ايضا شرع المقاومة   واعاد الحق والمطلب  ولم تعد الطائفة الشيعية   خارج  حدود الدائرة السياسية  فأوجد ثقلها واحقية مطلبها..
هذا هو  الرئيس  بري الذي سعى من خلال دوره وواجب الأرض والمقاومة ومعايشة كافة الظروف  للدخول الى بوابة السلام الاهلي .
 ومن نافذة البرلمان أطل دولة الرئيس نبيه بري رئيسا للحكومة اللبنانية  ليطرح  أسلوبا اخرا ويحمل راية جامعة للطوائف فجمعها داخل”  السلة الوطنية”   يلملم  ما تبعثر به  الوطن  من اشلاء ويحدد جغرافيته  ..

فازال الحواجز  بين اشقاء الوطن الواحد  ووسع لغة الحوار ..فدوره الوطني كان أكثر” فنا ” لعلم السياسة  وفي جمع الصيغة الوطنية بعد تمزقها …
هذا هو الرئيس الذي حاكته كل الملفات وشملته كل القضايا فأي ملف لم يرفع في وجهه؟.. وما هي  القضية التي لم توضع في عنقه وفوق  اكتافه؟ …

حتى الانفجار الثاني الذي أحدث 14 و 8 اذار… ظل يداعبه  ويحايله منعا لاصطدام الطوائف مجددا  وعلى مدار توتر العلاقات في السنوات الأخيرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري . ظل يخمد ويخمد  بالنار الأهلية …

فبات رجل السلم الأهلي وأمل العيش المشترك … 

 ثم ما لبث ان  نأى عن الحرب السورية كرجل دولة وبرلمان     واحترم دفاع الدولة السورية عن ارضها وشعبها في وجه الارهاب ..لانه  يعرف ماهية الدستور والوطنية ..

حتى انه لم يعارض انتخابات رئاسة الجمهورية فبادر الى عودة المياه والعافية الى الوطن مع اواخر العام 2016  بعد انكماش وشجع على اجراء الانتخابات ولم يعطلها او يمسسها بسوء نية ..
فكيف لا يكون  دولة الرئيس نبيه بري  رجل امة ووطن..؟….

الدكتور محمد قانصو..