2020/07/22

مديرة الشبكة العربية في المانيا السفيرة الشاعرة المهاجرة الدكتورة سعاد زكي البصمجي رسالة لمن بعدي..


لكل حي فوق تراب الاوطان ..
بلابل الأمل.. رسل الإنسانية والسلام ..
 الى من جملت لهم قصائدي ..بقوافي المجد ..
واكاليل الياسمين ..
حروف تتحدى الأقدار والآلام.. تنحث في الصخر أجمل الأحلام ..وتنشد ترانيم الحرية..
أنا اليدُ البيضاء..وقلمي سِلم ووفاء..كرامة وسخاء..يتراءى كالبرق والوميض ..في العٙلٙن والخفاء ..أنا السلام .. محبةٌووِآم .
انا المواطنة المهاجرة ..هجرت ارض الاجداد ..حاملة معي حفنة تراب مقبرتي ..وجدائل ،وضفائر، وشتائل حديقة حينا ..
أقحوان وياسمين وقطاف التين ..ونخيل الواحات..
وأسى تندوف..
انا الاميرة اليتيمة..عانيت اوهام الشقاق ..ونفاق الرفاق..
هاجرت ودموع الفراق سيل يهمي على خدي.. من عيون غجرية لا ترى سوى شمس بلادي لوحة الغروب ..لوحة الكون الكبرى ..
آه.. آه ياوطني ..شوق وطيش الكبرياء حملني لبلاد الاغتراب ..أسراب وطيور نادرة .
هجرت ارض اجدادي ..احمل حفنة تراب..ساقني القدر ..لرغيف ابيض، وشوكة ألمانية، وسكين حلالي ..كان حلم طفولتي رفاهية ورغد..عند الرشد انتهى المسير..
كهولة ومستقبل ..أحزان !! افراح !! من كل شيء الكثير .
علمتني التجارب.. ان السعادة لحظات قصيرة ..لحظات نسرقها في غفلةمن الحياة ، لحظات لا نعي لجماليتها لا نشعر بملذاتها الا بعد الفوات ..
الى من بعدي ..
اخبركم و انا الان من بعيد ارى واحتي ،إلاهي..وطني ..أهلي 
..أفديهم بدمي..لا ولن ادون اسمي مع " مارك " و " جيني "..
ولن اغير خصالي و قيمي .
الى من بعدي ..
اليوم اكتب لكم رسالتي ..
وكياننا شبحا قبيح الملامح.. فاقد الهوية.. منعدم الطعم بلاروح .. بلا لون .. بلا حياة ..المسخ يجوب شوارعنا ..ابوابنا كسرت ..ونوافذنا دون زجاج ..والغبار يعزف الحانا على شاشات زمننا..ونحن صخور على الثرى نائمة ..والخراب حولنا ...يحوم على اطلال الأزقة.. ينتابنا اليأس، يغشانا الخوف من غد مبهم ، نشعر بالوحدة، والوجع ،وتساؤلات لا جواب لها سوى الامل في مالك الكون رب السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما..
رفعت مآذن الجوامع ببلاد الغرب..دقت اجراس الكنائس ..تضرع المريض الحازن البائس .. فقدنا الثقة في كل شيء حولنا ..حتى العولمة لم تعد سوى قرية إلكترونيّة صغيرة تترابط أجزاؤها..وهيمنة الامم خذلتنا وقت المحن..
الى من بعدي ..سوف لن نستسلم ..سنصارع الزمن..
ثغور في اوصالنا ..واقدام لا تمشي ..في زحمة الامكنة اقدامنا تأبى المسير ..لكن سنتحدي اليوم العسير ..سنغني اغية الامل ..فالليل قصير ..والفجر قريب..وعلى ضفاف الفصول سننتظر أمنية ..سننتظر الصواب..ونستفسر سر الغياب.
نحن في محاكمة قاسية للذات البشرية، نحن في وقفة زمنية لترتيب الاوراق المبعثرة ..لنرتق ارواح ممزقة ..لنتعذر لكل ابتسامة وهبها لنا الزمن ..رسمناها على شفاه العتاب.. واستغنينا عليها..نعتذر لكل من احبابناهم وابتعدنا عنهم يوم ضلوا الطريق..
الى من بعدي ..
سادون لكم عباراتي من رحيق دمي ..
لأعيش الدهر..كفراشة تبحث عن غصن ..تبحث عن زهرة نادرة ..وسيف الامل لا يؤذيني..أطير لأكسب مجدا.. والدموع تنصهر على خدي ..
وابتسامات الاطفال البريئة ..تجيب عن السؤال..
زغاريد التوسل والحنين ..ونداء الى السلام ..
وصمتي انا ..أمام المشهد الرهيب ..ذنب !!! 
في نهاري وليلي ..ابوح :
هل قلمي سلاح..؟
يغير مجرى الحياة ..؟