2021/01/10

- أسقاس أمغاز- ... - وجبةٌ من عقلية الفُيوجُو!.بقلم الأديبة، والمفكرة الجزائرية سلمى النّعيمي




-كما لكلّ إفريقي ثقافته، فلقارة آسيا ثقافاتها؛ لعلّ ما لفتني مهرجانات ينَّاير التّي روجت الثقافة الأمازيغية في السنوات الأخيرة بشكل ملفت للنّظر!؛ أعتقد أنّ ثمّة ما تخفيه هذه الاحتفاليات كأسماك الفيوجو، غريبة المظهر سيئة السمعة، لكونها تستعمل وسائل دفاع خطيرة جدا، وهذه التقاليد المرعية تجعلني أتساءل ما إذا كان خلف هذه الأعياد عادة واِستعباد، أم ترويج ثقافة كما يدَّعون؟!. 

-تجدني حائرة بل ومندهشة من هذه الثقافة الغريبة، التّي لم تظهر إلّا بعد أن صادق عليها وجهاء الدولة وممثلوا القطاعات الثقافية؛ في حين كان الأجدر بهم أن ينتبهوا لها مذ أن خُلِقَ جنس الأمازيغ؛ لا تقاطع تساؤلاتي؟

-فمن غير المنطق أن أحتفل بعيد لمجرد أنه فرض من السلطة، هذا بحدّ ذاته اِستعباد، بينما أحتفل به عن طيب خاطر كونَّه يمثل عرقي، واِنتمائي، ولا حاجة لي بأخذ أوامر لأتذكر موطني ومربايَّ.

-هذا النَّوع من الاِحتفالات كسَّمكة الفيوجو، التّي تُطهى في أفخم المطاعم، وبترخيصٍ من السلطات المختصة؛ أليست هذه نكتة ينَّارية مميتة للثقافة في حدّ ذاتها.

-التعليم الديني الذي انتقل هو الآخر إلى التعليم المدني بفرض اِعلان من جامعة أهلية في الوطن العربي، فضلا عن تأكيد حق التعليم بوصفه حقا مقدسا لكل مواطن!، دون اِعتبار لدينه أو جنسه أو هويته السياسية، وهذا الإعلان هو بمثابة أمر يؤكد اِستقلال المؤسسات التعليمية عن السياسة والدّين، ويعد تحولا جذريا لافت في توجه أبناء الطليعة والملتفين حولها، واِنتقالهم من نموذج الشيخ المعمم إلى الأفندي المطربش؛ وكان أول من اِستبدل زيّ المشايخ بزيّ الأفندي الكتاتيب، والمدارس القرآنية "سعد زغلول"، هذا النوع من البشر أصفهم بعقول الاِستنارة المتحررة من عقل التقليد الجامد؛ هؤلاء يشكلون حلقة  دالة من حلقات رمزية التحول من نموذج الشيخ إلى نموذج الأفندي، علي مبارك طليعة هو الآخر تحول عن التعليم الدّيني إلى التعليم المدني.

-الكاتب طه حسين يجسد ذُروة هذا التحول، وحلقته الأخيرة على نحو أكثر درامية؛ إذ بدأ تعليمه في الأزهر، لكنه سرعان ما اِنصرف عنه، وضاق بجمود مشايخه، ووجد في طليعة الطربوش من أبناء حزب الأمة، الذي تحول إلى حزب الأحرار الدستوريين، ما أشبع نهمه إلى عالم جديد.

-لست ألومهم، وإن وقعوا ضحية أوامر السلطة يوما ما، لأنَّهم رأوا أنّ في حياة المشايخ والتعليم الدّيني البحت لا يفتح أمامهم الأفق، أي الحرية في الكتابة في جرائد سياسية،  يهاجمون فيها العادات، والتقاليد الجامدة التي تخفي حقيقة الأديان، وتتخفى في زيّ المتدين،  وهذا الإكمال الرمزي،  والفعلي أصبح  نقطة تحول للفكر العربي المتحرر.