2021/01/03

مديرة العلاقات العامة في الشبكة بتونس السفيرة هاجر فالحي : قضية المرأة العربية أولوية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المرأة التونسية نموذجا..







 إن الإعتراف بقضية المرأة كقضية عادلة يعني الرغبة الحقيقية في النهوض بالمجتمع و الوطن في كل مجالات التنمية و يؤكد على أن لا رقيّ دون دور المرأة لذلك توجبت الإستفادة من مختلف الوسائل و الإمكانيات فى سبيل نشر الوعى بموقع المرأة و تفعيل دورها فى مسيرة التنمية المستدامة بجميع أنواعها ..

 و بما أن لكل مجتمع خصوصياته فإن تونس كعينة من الأقطار العربية شهدت اشعاعا لدور المرأة منذ الإستقلال و حتى قبل ذلك بدافع من مفكريها من رواد الثقافة و النقابيين و السياسيين الذين ٱمنوا بدورها و عملوا على تحريرها من كل القيود التقليدية التي قد تعيقها  عن القيام بما يتوجب عليها جميعا الى جنب مع الرجل ...

فتاريخ تونس حافل بالنساء المُناضلات دفاعا عن الوطن و عن حقوق المرأة و الأسرة و المجتمع،منذ زمن بعيد. و كانت مساهمتهنّ فاعلة و مُهمة في الشأن العام، بما فيها مناهضة المُستعمر و سعيا لاستقلال البلاد أيضا، و من بين الأسماء بشيرة بن مراد التي ساهمت في رسم مستقبل المرأة المُشرّف منذ بدايات القرن الماضي، و عزيزة عثمانة في العمل الخيري، و مجيدة بوليلة  التي ظلت ملهمة للعديد من حركات النضال النسائيّ في تونس و في جهة صفاقس خصوصا ...و عدّة نماذج أخرى كسيدات ڨفصة،ابان المقاومة المسلحة ضد الاستعمار

و هن على التوالي،حسينيّة رمضان عميّد ، حملت السلاح مع المقاوم الشهيد الأزهر الشرايطي، فجّرت جسرا على وادي المالح بين قفصة و زانوش.

 محجوبة الموساوي،مقاومة و صحفية في كتيبة الشرايطي، تجمع المعلومات...

  محبوبة حرم عبد الحفيظ الحاجّي، ابنها المقاوم حسين الحاجّي، من أولاد الحاج سيدي عيش، ساهمت في تمويل المقاومة.

 دُولة بنت محمد الصالح عميّد، مخبرة تنقل الأخبار تحت غطاء تاجرة متجوّلة.

 خدوج حرم العربي الرّاهم السلاّمي، من أولاد سلامة، موّلت الثورة المسلّحة مع زوجها، من كاف دربي .

عسريّة حرم أحمد اليحياوي، من سقي المظيلّة، موّلت و أوت و ساهمت في علاج المقاومين المُصابين...

  الحاجة زهرة نصيب دُولة، من قصر قفصة، امرأة ثرية موّلت المقاومة بالمال.

 الطاوس حرم الأزهر الشرايطي، دعمت زوجها وجرحت في إحدى المعارك مع زوجها...

 ام الزين بنت عبد الله ڨرابسية، أول سجينة سياسية في تونس و كانت تقوم بدعم المقاومة وتزودهم بالمؤونة ...

 فالمرأة التونسية استطاعت أن تقف بالمرصاد للمستعمر و للجهل و الأميّة و التمييز..  ساندها في ذلك بعض من روّاد الفكر التنويري من سياسيين و نقابيين من أجل النهوض بالمجتمع و الخروج من غياهب الجهل الذي كبّل اسهامها الفاعل في بناء وطن حر، و أهمهّم المُفكرّ و السياسي و النقابي الطاهر الحداد صاحب كتاب "امرأتنا في الشريعة و المجتمع"

و كان للمرأة التونسية وجود فعّال على جميع الأصعدة و في المدى القريب نذكر المرحومة المناضلة ميّه الجريبي و الحقوقية راضية النصراوي التي بدأت حملتها للدفاع عن حقوق الإنسان في السبعينيات من القرن الماضي مواجهة نظام بورقيبة الاستبدادي القامع لكل معارض.. و على مر مسيرتها دافعت كحقوقية عن كل المضطهدين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية و خلفياتهم الايديولوجية ...

 و من الجيل الجديد لمع في سماء الثقافة و الفكر العديد من المثقفات  التونسيات كالباحثة د. ألفة يوسف التي تُصنّف من الرموز المنادية بحريّة المرأة، و من مؤلفاتها "نساء و ذاكرة"، و قد اعتمدت على منهج التاريخ الشفوي و شهادات لنساء تونسيات شهيرات في مجالات مُتعددة مطلع القرن العشرين.

و رغم مرور 64 عاما على سنّ "مجلة الأحوال الشخصية" بما تُمثّله من دستور مدني اعتبره العديد ثورة في التشريع و المجتمع قادها  بورقيبة، و حققت المرأة من خلالها مكاسب متنوعة، غير أن هذا لم يمنع وجود فئات نسوية مُهمشة و مضطهدة، فالمجتمع التونسي مقسّم بين فئة مُثقفة و مُنفتحة طغت عليها طموحات المساواة في الشغل و الشأن العامّ مع الرجل و مَعنيّة بالتكافؤ الحقيقي للفرص و المناصب حتى السياسية منها، و فئة نسويّة أخرى فاقدة لهاته الحقوق و محرومة من أبسط مُقومات العيش الكريم، ممّا يزيد في هوّة المساواة بين المرأة و الأخرى، إضافة إلى المساواة بين المرأة و الرجل...

و لئن تطوّر مسار حقوق المرأة التونسية و اتبّع منحى إيجابيا في مجمله منذ الاستقلال، فإنه سار أيضا في عدة انحرافات خطيرة هددّت في عديد الحالات الخليّة الأساسية في المجتمع و هي الأسرة، عبر انتشار ظاهرة الطلاق و نسبة الجريمة و مطبّات لا أخلاقية للأسف لها عديد المسببات..

و لا يمكن لنا ان نمر دون أن نُعرّج على قضيّة أساسية بدأت تفتِك بالمرأة التونسية وتتوغّل خصوصا في فئة من القاصرات غير الواعيات لسهولة استقطابهن، و ذلك بتسفيرهّن إلى بؤر التوتر و الزجّ بهنّ في صراعات إقليميّة، ضمن الانتماء إلى الجماعات الإرهابية المُتطرفة و استغلالهنّ في نشر ثقافة الموت و أيضا في "جهاد النكاح" هذا المُصطلح الغريب حتى عن التشريع الإسلامي... 

إذا فواقع المرأة في تونس ليس أفضل حالا من نظيراتها في المُجتمعات العربية رغم (تفوّقها) عليهن في الحقوق التي استندت إلى مجلة الأحوال الشخصيّة و كمثال على ذلك منع تعدد الزوجات قانونيا صونا لكرامتها ..لكن تظلّ هناك بعض التجاوزات و الانتهاكات في حقّها.. خاصة عند التأمل و البحث في واقع بعيد عن التشريعات، ليُحيلنا إلى العنف الجسدي و النفسي و الاقتصادي الذي تتعرّض له...

اذن تحرير المرأة التونسية و المرأة العربية عامة، بما أننا نحمل مقومات الهوية ذاتها رغم الاختلافات الطفيفة حسب خصوصية كل مجتمع، لن يكون بمعزل عن تحرير عقلية شعب بأسره و بناء مجتمع قائم على المساواة، يؤمن بقيمة المرأة كرهان للحداثة التي تصبو إليها سائر المجتمعات بعيدا عن الطرح الفردي و برؤية إنسانية شاملة حتى نضمن تحقيق الرقيّ الذي نطمح إليه.. و ننعم بمقومات السلام هدفا أسمى ..