2021/05/12

بقلم الجزائرية جميلة بن حميدة : 8 ماي ناقوس يدق في ذاكرة بني عزيز




بني عزيز  هي دائرة بولاية سطيف الجزائرية معظم سكانها أمازيغ معربين يتجاوز عددهم 40 ألف نسمة.


تابعة إداريًا لولاية سطيف ، كانت تسمى بشوفرول chevreul في الفترة الاستعمارية وبعد الاستقلال بعرباون ثم بني عزيز حاليا وتبعد عن مقر الولاية سطيف ب60 كلم وعن الجزائر العاصمة 360 كلم.

تضم الدائرة عدة بلديات هي: عين السبت، بني عزيز و معاوية بالاضافة الى قرى و مداشر كثيرة مثل الفردوي أولاد الحاج  القرية الفلاحية ،البحباحة ،أولاد بــــاديس ،بورديــــــم ،بحيرة عافية ،شعاب الزكار. 

بني عزيز البلدة التاريخيةالتي تضم اقليم ايكجان (لحجار حاليا)   وهو عاصمة الدولة الفاطمية والذي يضم في جوفه الآثار الفاطمية المدفونة هناك والتي تروي حكاية المعز لدين الله الفاطمي و تشهد على أيام حكمه ،ثم رِحلته من هذه البلدة العريقة إلى مصر بجيش عظيم قاده جوهر الصقيلي حيث أسس القاهرة هناك و أصبح الجميع الآن يكتب هذه العبارة( من قاهرة المعز… ) 

ما أعظم تاريخ بلدتي بني عزيز ومسقط رأسي  .

توالت الدول الحاكمة والغزو الاستعماري الذي عانت منه الجزائر و تجرع مراره سكان بني عزيز من قهر وظلم وتشريد وخاصة أيام الاستعمار الفرنسي الغاشم الذي نهب خيرات وثروات الجزائر ثم محاولة فرنسة الجزائر واستعباد شعبها. 


 فرنسا الأخطبوط الإستدماري و الأمبراطورية الإستعمارية بكل بقاع العالم ، انفجرت الحرب العالمية الثانية وشاركت فرنسا مع حلفائها ضد النازية الألمانية و جندت كل قواتها للإطاحة بألمانيا فعززت قواتها وجيوشها بشعوب مستعمراتها و ضمتهم الى ترسانتها العسكرية و رحَّلتهم إلى ساحة الحرب والمعارك الضارية،  فاستعملتهم كدروع بشرية بالصفوف الأمامية  لحماية جيوشها من بطش جيوش هتلر .

و كان بينهم كمّ هائل من الجزائريين و كان وعدها أن تمنحهم الاستقلال بعد الحرب و الانتصار. 

انتصر الحلفاء وانتهت الحرب العالمية الثانية  ،عاد الناجون إلى الجزائر  واحتفلوا بالنصر وقاموا بمظاهرات سلمية مطالبين بالاستقلال الذاتي للجزائر يوم 8 ماي 1945 في كل من  سطيف ،قالمة وخراطة لكن فرنسا اخلفت الوعد وهاجمتهم بكل قوة برًّا و جوًّا وأبادتْ الجميع فكان عدد ضحايا المجزرة أكثر من 45 ألف شهيد . 


نجا البعض من سكان بني عزيز الذين شاركوا بالمظاهرات من هذه المجازر الرهيبة بسطيف وعادوا إلى ديارهم فأخبروا السكان بوحشية وهمجية فرنسا وبشاعة المجزرة الرهيبة في حق المتظاهرين العزل. 

* قرر الأهالي الانتقام من فرنسا فكان إعلان الثأر لاخوانهم و للجزائر وطنهم النفيس ، فهاجموا الكولون المتواجد في بني عزيز  و قتل منهم ستة فرنسيين من بينهم 

M. Georges Caste, de Mme et M. Bovo

* أما الكولون الذين نجوا من انتقام الأهالي بعد تلقيهم الخبر فقد  اختبأوا  بالثكنة العسكرية وكانوا يطلقون الرصاص بالرشاشات على كل من يقترب منهم. 

* فشل الأهالي في اقتحام الثكنة وليس بحوزتهم سوى الشجاعة وبعض بنادق الصيد التي تعجز عن التصدي  لهذه الرشاشات  . 

*سيطر الأهالي على الوضع وكانت الفرحة كبيرة حيث شاركهم فيها كل سكان القرى المجاورة والمداشر. 

*فرنسا تجند جيشا قويا وتهاجم أهل بني عزيز وتبيدهم بالرصاص والحرق في الخنادق و المطامير و تطاردهم في كل مكان

*تحرق كل البيوت تقتلع كل الأشجار والنبات،  تقتل الصغار والكبار و حتى الحيوان، فرنسا لم تترك شيئا أخضرا أو يابسا إلا و أهلكته و أبادته .

*فرَّ الأهالي إلى جبال بابور و سيدي ميمون والفردوي  وغيرها من المناطق الصعبة فأهلكهم الجوع حتى أصبحوا يأكلون الحشيش لمدة ستة أشهر .

*فرنسا تعلن عفوها عنهم وتطالبهم بالعودة إلى بني عزيز وإلى مداشرهم .

*يطمئن الأهالي لدعوتها  ويعودون فتحاصرهم فرنسا في ساحة كبيرة وتكبل الرجال لتستبيح حرمة النساء  أمامهم  و تطلق الرصاص على كل من يحاول الدفاع عن عرضه .

 * حوالي 300 شخص عرضتهم للشمس والعطش والجوع لمدة 48 ساعة ثم طلبت منهم تادية الصلاة عكس جهة القِبلة .

*قامت بالتعذيب الكهربائي و وضع الأهالي في أحواض مائية  حتى تنتفخ أجسادهم ثم صعقهم بالكهرباء بشكل متتالي دون شفقة أو رحمة لمدة 17 يوما ثم نقلتهم الى السجون بولاية سطيف وقسنطينة و الحكم عليهم بالمؤبد أو الإعدام. 

هذا جزء صغير مما استطعت أن اكتبه عن فظاعة الأحداث بدائرة بني عزيز  .


يوم تاريخي مأساوي موشوم بذاكرة السكان وثكنة عسكرية شاهدة بصورها على بشاعة المجازر .


هذه هي فرنسا الحقيقية التي تجردت من الانسانية لأجل أطماعها ومصالحها. 

رحم الله شهداء الوطن وحفظ الجزائر من كل يد تدنس ترابها المبارك .


المراجع :

مقال الدكتور احمد عظيمي 

مقالات من الويب .