2020/07/13

فوزية احمد الفيلالي فصة قصيرة درجة ثالثة بطاقة خارج الرحم.





في زاوية من بيته المهجور،ركن "سيف" يمسح دموعه المنزلقة على خده البائس ووجهه الذي أخفاه بين ركبتيه الملتويتين والتي لم تستطع حمله  ،خذلته هي الأخرى كما خطأه الزمان وكسرت ظهره المواجع.

إلى أمس قريب كان "سيف" ذلك التلميذ المجد الذكيّ الوفي لكتبه وأقلامه ينسج سجادة أحلام  وردية بخيوط صوف منفوش من قش عنكبوت اغرقته  الانكسارات العشوائية مع طوفان نوح فلم يسلم في قمة جبل التحدي.

عاد من صلاة الفجر بعدما لبّى طلب فقيه الجامع "سي قاسم" القريب من البيت .حيث وجد فيه بعض من الطمأنينة واسترجاع الأنفاس التي كاد يختنق من شدة قبضتها على رقبته.

كبر "سيف" وكبرت معه أحلامه وبدأ يعي بعض الشيء ما يدور حوله في بيت أمه التي لم تجب يوما عن أسئلته الهاطلة كالرذاذ...
أين أبي يا أمّي؟
وما اسمه ؟ كيف كان لون بشرته؟
هل يشبهني؟

"سيف "شاب جميل أسمر اللون بني العينين واسع الحدقتين شعره يميل الى التجعد ،مهذب لطيف لازال لم يكتمل طوله بعد
في السابعة عشر من عمره.

كان "سيف "كثير الشرود قوي الفراسة. كانت نظراته المتراكمة إلى مرآة غرفته  المتشققة  بالساعات هو عدم جوابها على كل استفهاماته التي كان تستفز تطفله في مخابئ شعو ره  وكذلك لونه  المختلف بشىته السمراء
 فأمه عالية بيضاء البشرة حد الثلج...صمت مقيت يطوي مسافات ضوئية بينه وبين حقيقة مدسوسة وراء جدران بيت بلا عنوان...

تدير الأم  "عالية"وجهها في علامات بهلوانية كما نشاهد في افلام الأسود والأبيض ل اسماعيل ياسين...
و تدير علكها ا المعتاد بين أضراسها في طقطقة ايروتيكية كلما نظر في عينيها يستعير ضوء ليكسر جهلا أسود يعتم حياته اليومية...

فاجأه سؤال  طارئ خلف ظهره كصاعقة عشوائية مباغتة...
"سيف هل عاد أبوك من الأسر"؟
لم يعر اهتماما لسؤال "حمو" بائع السمك المتجول وهو يبتسم مديرا وجهه لبعض الزبونات المتفحصات لعيون السردين المنبطح على قفاه في صندوق على دراجته القديمة....

رقص بلا جوارب

أمي أمي...

"عالية" امرأة في الأربعين من عمرها ممشوقة القد سوداء الشعر الذي غيرت لونه بصباغة بلون الشمس وقصت حاجبيها فعادتا رقيقتين كحد سيف مشحود.
تطلي وجهها بمساحيف ملونة من الماكياج حتى لا تكاد تعرفها تبدو  كلوحة لوجوه متداخلة لفنان مخمور ترتعد ريشته بين يديه كما طائر أصابته رصاصة بندقية لقناص أشعت.
تتمايل في مشيتها كراقصة في شارع علي ...

ماما هل عندك ضيوف ؟ لماذاا كل هذه الشياكة .....!!؟
صمت رهيب والجواب أخرس...
كلم سيف نفسه وهو يبتلع ريقه بين جظران حلقه الجاف.
فبظأ يحكي...

دخلت في متاهات فكرية وبدأ عقلي يفك الألغاز بموازة مع عقد الرياضيات وفك فرضية الحرف المجهول( x) 
فارق النوم أجفاني  كانت غرفتي في السطح
حيث كنت أصبز إلى النوم باكرا لان ثانويتي بعيدة شيئا ما عن البيت الذي يحضننا انا وأمي وبعض صديقاتها اللواتي يزرننا باستمرار
الضحكات تتعالى والكلام غير مفهوم أحيانا أصحو على سعال ذكوري ورائحة دخان سجائر ذات ماركات عالمية.. 
أسأل...!!؟  أمي شممت رغئحة وصوت رجل...

لماذا تكثر السؤال...(ادخل سوق راسك)
( هادو غير اصحاباتي كنا طلقين فيديو في التلفون)

أغادر دون اقتناع كمن يسكت هونا من مقصلة

على رقبته.فأنا لا أخالط أحدا وليست لي عائلة
وعندي امتحان اشهادي .
بعد شهر...
على بعد أمتار قليلة من البيت صاح عليّ الحسين بقال الحيّ ..(سيف اسير أولدي للبيت راه راه.)
لا حول ولا قوة بالله.
أشكاين أعمي. هكذا  ارظف سيف 
وجدت الأمن..شرطة الآداب... مطوق البيت،صعدت مسرعا السلاليم حيث أصوات مختلطة بصوت أمي...
(مظلومة ولدي مظلومة...تهلى فراسك وفقرايتك ).
إنك كبرت...
عندما يختلط الظلم الاجتماعي بالظلم الانساني فتمة قضية أخرى

نزلت عليّ كلماتها كحجارة طير ابابيل كسرت ظهري فلم أعد أصحح النظر فيما حولي.
طرت إلى مخفر الشرطة وأنا ألهث...فلم آعد إنسانا...؟؟

سألت رئيس الدائرة الذي تفاجأ بحضوري وأنا أتلعثم في اخراج حروف دون نقط ولا حركات...

أمي .أمي ....
أمك تشتغل في أقدم مهنة عرفها التاريخ (الدعارة) هي ق.....ة
تلقينا شكوى ضدها بإزعاج الجيران ...وزرع الفساد في المجتمع...
طار عقلي من رأسي و...هممت بالجواب لولا ...فدرس اليوم كغن هو أثر الفقر ومخلفاته على المجتمعات...طرقت مليا .. .!؟
ذاب كبريائي وداسته آقدام الوحوش التي تصطاد الأبرياء في ماء البحار الحلوة المذاق.

عرفت حينها أن الغراب استغوى رحم أمي ذات يوم شتوي حيث استدفأت بححم عشقه المزعوم و استسلمت لحبه المنبوذ فنفض ريشه على جسدها البري نفث فيه من بقايا مائه وحلق بعيدا ليظافع عن الوطن حيث شرد هذا الأخير نطفة من هذا الوطن. تارك عشا مبلولا لأصناف النسور الزاجلة فكانت النقطة بعيدة عن حرف اللام. وكنت بعيدا عن محطة  الانتساب للأدلاء ببطاقة تعريف ...فالمحرة لا تعرفني....